شخصيات وأعلام
فضل العرب المسلمين وعلومهم على بلاد الغرب والعالم
تراثنا – د . محمد بن إبراهيم الشيباني (*) :
تلقت “تراثنا ” تعليقات من بعض الأخوة المتابعين ، تنفي صحة ما ذهبنا إليه من ترجيح رأي (1) يؤكد قيادة ابن ماجد لسفن فاسكو دي غاما إلى الهند ،استناداً إلى ما ذهب إليه د. سلطان القاسمي (1) ، و المؤرخ حسن صالح شهاب اللحجي – يرحمه الله (2) ، وغيرهما بهذا الشأن .
الآراء تفاوتت في موضوع قيادة الملاح العربي أحمد بن ماجد لسفن فاسكو دي غاما نحو طريق الهند ، فمن الآراء من نفت ومنها من أثبتت ذلك، ونرجح من جانبنا الرأي الأخير ، لوجاهة شواهده العديدة ، التي تثبت صحة ما ذهبنا إليه في مقالة “من يذكرهم اليوم ؟ “ (3) .
-
النهروالي : ابن ماجد ارشد الفرنج الملاعين الى الطريق فصاروا يقطعونه على المسلمين .
-
المؤرخ البرتغالي باروش: فاسكو دي غاما رضا عن خرائط الاعرابي ابن ماجد الى الهند .
-
وصفوا ابن ماجد ب “الاعرابي ” و” ماليموكانا ” و تعني “المعلم الفلكي الرياضي الكاتب” .
-
آلن فلييرز : النوخذه ابن نجدي يرى ان رحلة دي غاما لم تكن لتنجح بدون ابن ماجد .
ونذكر في سياق استشهادنا ما ذكره كتاب ” ربابنة الخليج العربي ومصنفاتهم الملاحية ” من تأليف خالد سالم محمد في الصفحات من (91 – 93 طبعة عام1982) حيث نوه إلى أن المستشرق الفرنسي “جبريل فران “1922 بنى استنتاجه بأن ابن ماجد هو من قاد سفن فاسكو دي غاما عبر رأس الرجاء الصالح إلى الهند ، على ما ذكره المؤرخ العربي – قطب الدين النهروالي- في كتابه المسمى “البرق اليماني “.
شخص ماهر
ونقتطف من هذا الكتاب بعضه : ” وقع أول القرن العاشر من الحوادث الفوادح النوادر دخل ” الفرتقال ” – يقصد البرتغال – اللعين من طائفة الفرنج الملاعين إلى ديار الهند، وكانت طائفة منهم يركبون من زقاق سبته في البحر ، ويلجون في الظلمات..في مكان كثير الامواج لا تستقر به سفائنهم ، وتنكسر ولا ينجو منهم أحد إلى بحر الهند ..إلى أن دلهم شخص ماهر يقال له أحمد بن ماجد صاحبه “كبير الفرنج” وكان يقال له ” الملندي” .. وقال لهم:لا تقربوا الساحل من ذلك المكان وتوغلوا في البحر ثم عودوا، فلا تنالكم الامواج ، فلما فعلوا ذلك صار يسلم من الكسر كثير من مراكبهم .. فصاروا يقطعون الطريق على المسلمين اسراً ونهباً ..الخ .
وفي الكتاب المشار إليه يستشهد المؤلف برواية برتقالية للمؤرخ البرتقالي ” باروش “من القرن السادس عشر ، أوردها المستشرق الروسي ” تيودور شوموفسكي” في كتابه ” ثلاثة أزهار في معرفة البحار ” ، نقتطف موضع الشاهد منها :
(في أثناء وجود ” فاسكو دي جاما ” في مالندى كان معه جماعة من الهنود ، توجهوا الى أمير البحر على ظهر السفينة ، وكان يوجد أحد البربر من “الجوزرات ” يدعى “ماليموكانا ” ، وللتمتع بحديث مواطنينا ولإرضاء ملك مالندى ، الذي كان يبحث عن ملاح للبرتغاليين ، قَبَل “ابن ماجد” أن يتوجه معهم الى السفينة ، ورضى عنه ” دي جاما ” كل الرضا عن معلوماته ..خصوصا بعد ان عرض عليه الاعرابي ( العربي) خريطة لكل الشواطئ الهندية ، مرسومة كما هو عند العرب عامة ، بخطوط الطول والعرض وفي غاية الوضوح..).
تشكيك في الشخصية
ورغم تشكيك المؤلف في الشخصية لتعدد المسميات التي اطلقت عليه ” ماليموكانا ،ابن ماجد ،الاعرابي ” إلا ان تعدد الشواهد تؤيد أن يكون المقصود به هو ابن ماجد نفسه، خاصة وان ماليموكانا كلمة سنسكريتية من جزأين هي ” ماليمو ” وتعني معلم و”كانا ” تعني الفلكي الرياضي الكاتب” وفقا لما ذكرت مصادر اخرى .
وفي كتاب ” ابناء السندباد ” من تأليف ألن فلييرز محاورة تمت بينه وبين النوخذة علي النجدي في عام 1937 نقتطف جانباً مما جاء في صفحة 305 ، حيث يشير المؤلف أن نجدي “يقصد ناصر على النجدي ، قائد المركب الكويتي بيان ” لم يكن معجباً بفاسكو دا جاما أو برحلته..
مبالغة كبيرة
ويرى أنه بولغ في الدعاية له مبالغة كبيرة ، وأن رحلته لم تكن لتنجح أبداً لو لم يستخدم فيها الادلاء العرب.. ولم يكن الرجل الذي يكرمونه ” أي بحارة مركب بيان هو “دا جاما .. بل ذلك النوخذة العربي المشهور ابن ماجد الذي يقولون إنه أرشد البرتغالي الى كاليكوت .
ابن ماجه مرغماً
ويشير آلن فلييرز في الكتاب :” بحسب قول نجدي كان مرغماً على ذلك ” يقصد ابن ماجد ” ، فقد صدف أن كان في مدينة مالندي عندما وصلها البرتغاليون ، الذين أخذوا يزعجون شيخها وسكانها ازعاجاً مستمراً ، ولم يكونوا ليغادروها لو لم يعرض عليهم حاكمها مرشداً ممتازاً ، يدلهم على طريق الهند ، ولم يكن ذلك المرشد إلا ابن ماجد نفسه “…
والله اعلم ..
(*) : رئيس مركز المخطوطات والتراث والوثائق ومجلة حياتنا
هامش :
1- الشيخ د. سلطان بن محمد القاسمي ( يوليو 1939 ) حاكم إمارة الشارقة، عضو المجلس الأعلى للإتحاد في دولة الإمارات العربية المتحدة، له مؤلفات وبحوث تراثية وتاريخية .
2- حسن صالح شهاب ، مؤرخ وجغرافي ومحقق، ولد في قرية الحمراء بمحافظة لحج عام ( 1931م- ت 2012 م)، يرحمه الله .
3- كتبنا ذلك في مقال ” من يذكرهم الآن..؟ “
/