الحلقة الثانية
رجال اللؤلؤ
تراثنا – التحرير :
من شخصيات رجال البحر الذين دون التاريخ اسماءهم ، وذاع صيتهم في اسفار كتب التراث الكويتي ، ما نشرته مجلة تراثنا الورقية على صفحاتها بعنوان (رجال اللؤلؤ) (*) ، حيث تناولت جانباً من سيرتهم ، وأبرز أحداثها .
وتعميما للفائدة بين الباحثين والمتابعين الكرام ، تعيد تراثنا الإلكترونية نشر المقال مجددا في في حلقات متتابعة (الحلقة الثانية).
النوخذة بن مدعج :
-
تضرر النوخذة بن مدعج من ازمة مالية استدعت رهن بيوته في الكويت ومزارعه في البصرة لأحد دائنيه .
-
حلم أثناء نومه بحسناء تزوره ،فاستيقظ وأمر بفتح المحارات الثماني التي جُمعت.. فصاحوا أبشر يا نوخذة !
-
باع بن مدعج الدانة بمبلغ خيالي في البحرين، وسدد ديونه وواصل تعمير المساجد والصرف على مشاريعه الخيرية .
محمد بن مدعج العازمي
صاحب الدانة ” اللؤلؤة النادرة” المشهورة في تاريخ الغوص على اللؤلؤ في الكويت والخليج العربي ، والتي شاع ذكرها لجمالها المميز وكبر حجمها ، ولهذه الدانة رواية ، ففي عام 1346 هجرية ( 1927 م) مرت الكويت بظروف اقتصادية صعبة انعكس أثرها على أهلها .
وكان النوخذة محمد بن مدعج (*) من النواخذة المتضررين من هذه الأزمة المالية ،واستدعى الأمر أن يقوم برهن بيوته في الكويت ، ونخيله في مزارعه بالبصرة ، لأحد دائنيه ، حتى تمام سداد ديونه .
27 بحارا
واعتمد بن مدعج ” يرحمه الله ” على ربه في محنته ، ودخل موسم الغوص الكبير مع بحريته ، بوساطة سفينته الشراعية الجالبوت ، المعروفة باسم (الغزالة) ،وركب معه بحارته من أهل الكويت ، وعددهم سبعة وعشرون بحاراً ” يرحمهم الله “، منهم ناصر بن جامع ، وسعد الصويلح ، وجمعان بن منيظره ، وراشد مطلق بن جروان ، ومزروق البحيري ، وأخوه راشد المدعج ، وابنه مدعج المدعج وغيرهم .
وعمل في الغوض على اللؤلؤ في هيرات البحر العميق ، وهو يفكر في أن يوفقه الله برزق كثير ، حتى يوفي الديون التي أثقلت كاهله ، وتمضي الأيام والليالي وهو في عرض البحر ، ومحصول اللؤلؤ لا يكفي سوى الزاد والماء ، الذي يستهلكه البحار .
وتوجه إلى احدى المغاصات القريبة من (اغمسة) يطلق عليها بطين أبو علي ،وقام الغاصة بالغوص تحت الماء ، باحثين عن أكبر عدد من المحار ، قد يكون في بطن احداها كنز ثمين ، إلا أن الواقع كان صدمة لهم ، حيث كانت الحصيلة هي ثماني محارات فقط .
الزائرة الجميلة
وأثناء الليل ، توجه البحارة كل إلى موضعه في السفينة للنوم ، وإراحة أجسادهم، وتوجه النوخذة محمد المدعج إلى مرقده للنوم .
وأثناء نومه حلم بأن هناك فتاة جميلة تزوره في الجالبوت ، فنهض من نومه ، ووحد أحد غاصته وهو جمعان بن منيظرة العازمي ، قد صحا من النوم يطلب منه فلق المحارات الثماني ،وقام ابن منيظرة بتنفيذ ما طلبه ، والصمت والهدوء يخيم على المكان .
أبشر يا نوخذة !
وأثناء فلق المحارات ، صاح جمعان بصوت عال ( يا نوخذة .. أبشر بالخير .. رزقك الله بدانة كبيرة ) .
وفي الصباح توجه النوخذة محمد بن مدعج ” يرحمه الله ” إلى البحرين ، وقام ببيع دانته على الطواش صالح بن هندي” يرحمه الله ” ، من تجار البحرين ، بمبلغ قدره ثمانون ألف روبية ، أي ما يقارب في وقتنا الحالي ستة آلاف دينار كويتي ، وهو مبلغ خيالي في ذلك الزمان .
من غزالة إلى فرحة
وبعد عودة ابن مدعج إلى الكويت ، سدد ديونه كافة ، وفك الرهن عن مزارعه ،وتصدق بجزء من ماله للفقراء والمساكين ، واستمر في بناء المساجد ،وأكمل مسيرته الطيبة في أعماله الخيرية ،و غير أسم سفينته الجالبوت من ( غزالة ) إلى ( الفرحة ) .
هامش :
*جرت احداثها عام 1927 م ، رواها الشيخ عبدالله النوري ، وحمد السعيدان في (الموسوعة الكويتية) ،وطلال الرميضان في (اعلام الغوص عند العوازم ) ، وسيف الشملان في ( الغوص على اللؤلؤ ).
1- الدانة : لؤلؤة كبيرة من أحسن اللآلئ واجملها، واللفظة فارسية ، الجمع دانات .
الصور :
– ( تاريخ الكويت ) – ( القبس ) –
طالع : الحلقة السابقة ( الأولى ) : حصباة بن ياقوت !