انتقاءات من مكتبة تراثنا
جولة بين صفحات كتاب (هذا أبي) لخديجة المدني ..
تراثنا – التحرير :
هذا أبي .. جولة توثيقية بالصور والتواريخ والأحداث المرافقة لحقبة سجلتها خديجة وجيه مدني بسطور مؤثرة ، رصدت حياة تفاصيل دقيقة عن والدها اللواء متقاعد وجيه المدني ” يرحمه الله ” منذ ولادته في يعكا يتيم الوالدين، بدءا ًبدراسته ، وانخراطه في صفوف الجهاد الفلسطيني ضد الغاصب الأسرائيلي ، مروراً بالحرب العالمية الثانية ومشاركته في بناء جيش التحرير الفلسطيني ، انتهاء به مساهماً مؤثراً في بناء الجيش الكويتي في بداياته ، حتى لقاء وجه ربه على أرضها الطيبة..
-
نشأ وجيه المدني يتيم الوالدين متنقلاً بين أخويه فجمعت شخصيته الصرامة والحزم وطيبة القلب والرقة في آن واحد .
-
التحق بالكلية العسكرية البريطانية ، واستفاد من عادات الانجليز الجدية في العمل والتفاني والحرص على الوقت .
-
انضم إلى قوة اليرموك التي شكلتها الجامعة العربية لمقاومة الاحتلال الإسرائيلي لأرض فلسطين .
-
خاض معارك على الجبهة السورية وفي القدس ، وكان له شرف ان يكون جنباً إلى جنب مع عبدالقادر الحسيني عند استشهاده .
-
ارسل له الشيخ عبد الله المبارك مرسال يحمل جواز سفر كويتي باسمه بصفة مواطن للمشاركة في بناء الجيش الكويتي !
-
كان قائد الفرقة الخامسة عشر في الجيش الكويتي عندما طالب قاسم بضم الكويت للعراق وبنى فرقة المغاوير .
مقتطفات ، اخترناها بغية الوقوف قدر المستطاع على سطور موجزة عن شخصية استحقت شرف مواطنة الكويت ، وشاركت ببناء جيشه في حقبة صعبة وحرجة من التاريخ ، حافة بالأحداث الجسام .
البدء والأصل
هو وجيه بن حسين طلعت مصطفى العسكري المدني (1921-1991 م) من مواليد مدينة عكا في فلسطين .
وتشير خديجة المدني إلى أن لقب المدني نسبة إلى المدينة المنورة ، حيث تُنسب إليها اسرة ( وجيه المدني ) و تزوج والده الحاج طلعت وانجب فيها ابنه مصطفي ، قبل أن يهاجر منها مع ابنه إلى استنبول ثم إلى بلاد الشام خلال حكم الدولة العثمانية ، مؤكدة أنتشار آل عسكري في السعودية ومصر و الأردن وسورية .
يتيم الأبوين
وتصف ابنته ( الكاتبة ) بأن نشأته يتيم الأبوين انعكست على شخصيته بالصرامة والحزم والجَلَد من ناحية ، وطيبة القلب ورقة المشاعر من ناحية أخرى .
وعن بداية حياته تشير إلى انتقال والدها وجيه بعد وفاة والديه ، وهو في التاسعة من عمره إلى يافا ، ليعيش في كنف أخيه مصطفي الأكبر منه ، ولكن ما لبث ان توفى عام 1932 م ، فانتقل للعيش مع ابن أخيه عادل ، الذي يكبره بثلاثة وعشرين عاما ، وكان يشغل منصل مدير جمارك مدينة يافا .
الزواج والتعليم
وعن زواجه الأول توضح بأنه في عام 1950 اقترن وجيه المدني برفيقة دربه ” نادية مصطفى القباني ” لبنانية الأصل ، وكان له منها تسعة أولاد ، منهم خديجة كاتبه السطور ، وعمل بعدها في تجارة المواد الغذائية مع أخيه عادل ثم عاد إلى لبنان نهاية عام 1951 .
وتشير الكاتبة إلى ان والدها ” وجيه ” تلقى تعليمه في يافا وحصل على شهادة ( المترك ) وهي تعادل الثانوية العامة حاليا ، فالتحق بالكلية العسكرية البريطانية ، واستفاد من عادات الانجليز في الجدية في العمل والتفاني فيه ، والمحافظة على الوقت إلى أقصى حد .
القضية الفلسطينية
وعن دوره في الساحة الفلسطينية ،تستطرد المؤلفة خديجة المدني في كتابها منوهة إلى أن والدها تخرج من الكلية المذكورة برتبة ملازم ثان، مما هيأه ليكون أحد اللاعبين على الساحة العسكرية نفسيا وعلميا .
ومضت موضحة : بعد التحاقه بالجيش الإنجليزي (فرع فلسطين ) ثم التحاقه بالبعثة العسكرية الانجليزية في الطائف بالسعودية ، تزامن ذلك مع ظهور الحركة الصهيونية ، فاستقال من البعثة ، ورحل إلى القدس ، وانضم إلى جيش الإنقاذ ( قوة اليرموك ) التابعة لجامعة الدول العربية عام 1948 وكان مركزها في دمشق ثم ترقى لرتبة رئيس عام 1949 ، وخاض معارك على الجبهة السورية وفي القدس ، وكان له الشرف الكبير ان يكون جنبا إلى جنب مع عبدالقادر الحسيني ” يرحمه الله ” ، عندما استشهد ، وانحل بعدها جيش الإنقاذ في مارس 1950 .
مشواره في الكويت
في أوائل عام 1952 م ، بعث الشيخ عبدالله المبارك الصباح ” يرحمه الله ” بصفته نائب القائد العام للجيش الكويتي والقوات المسلحة يطلب من ” وجيه المدني ” الانضمام إليه لتأسيس الجيش الكويتي ،وارسل مع المرسال جواز سفر كويتي باسم “وجيه المدني ” ليتمكن من دخول الكويت ، وليصبح فيما بعد أحد مواطنيها ، وكانت البداية بتشكيل قوة الحدود والأمن ، وفي مارس 1963 عيُن وجبه برتبة ملازم ثان ، وتدرج في المناصب ثم سلم قيادة اللواء الخامس عشر ، ثم رئيس أول عام 1957 ، ثم مقدم في عام 1961 ، وكُلف بتشكيل فصيل المغاوير بإيعاز من الشيخ عبدالله المبارك .
أزمة الكويت مع قاسم
في 25 يونيو من عام 1961 ، اعلن عبدالكريم قاسم في مؤتمر صحفي ضم الكويت للعراق بعد اعلان استقلالها عن بريطانية ، فحشدت الكويت قواتها بقيادة الفريق نائب القائد العام الشيخ مبارك الصباح ضد قاسم ، وكان وقتها وجيه المدني قائد الكتيبة الخامسة عشرة ، وانتهت الإزمة بنهاية قاسم في أوائل 1963 .
تطوير الجيش الكويتي
والمحت الكاتبة إلى دور والدها في تطوير الجيش الكويتي وتحديثه ،منها تنشيط الترجمة في الجيش ، وتحضير مبادئ الدراسات العسكرية ، وكان مسؤولا عن التدريب ، وله مساهمات طويلة في الإعلام العسكري وغيره ، وبسطت المؤلفة في الكتاب الكثير من الأنشطة التي كان له دور كبير في تأسيسها والمشاركة فيها.
مهام دبلوماسية
وفي الجانب الدبلوماسي ، نوهت إلى مرافقته الشيخ مبارك العبدالله الصباح في رحلاته العملية واجتماعاته العسكرية خارج الكويت ، وفي جامعة الدول العربية ، مشيره إلى اختيار وجيه المدني قائداً لجيش التحرير الفلسطيني والقيام بتأسيسه وعضوا في اللجنة التنفيذية ” المقيمون في عمان” في منظمة التحرير الفلسطينية لتحرير فلسطين ،واختير احمد الشقيري رئيسا لها ، حيث أنشئت عام 1964م .
عودته للكويت
عاد وجيه المدني الى الكويت بعد استقالته من خدمته في جيش التحرير الفلسطيني ، وعُين في الجيش الكويتي برتبة مقدم في عام 1969 م ، وسُلم منصب رئاسة ركن التوجيه المعنوي ، ثم اسند له مهمة وضع أسس التجنيد الإلزامي والتعبئة بعد صدور قانون التجنيد عام 1976 م .
التقاعد
ورغم بلوغه الستين عاما ، وهو العمر القانوني لنهاية خدمة الضابط في الجيش ، إلا ان المصلحة العامة تطلبت تمديد خدمته للاستفادة منه ،وتم التمديد له خمس سنوات إضافية ، كمعاون رئيس الأركان العامة ورئيس هيئة الشؤن القانونية والقضاء العسكري، وبسبب تراجع صحته اضطر إلى طلب التقاعد قبل انتهاء المدة ، حيث صدر مرسوم اميري في عام 1983 يوصي بترقيته الى رتبة لواء ، والموافقة على احالته للتقاعد ، مسدلاً الستار على مسيرة مشرفة حملت في طياتها سنوات طويلة من النضال والكفاح في سبيل قضايا الكويت وفلسطين ،ولقى وجه ربه عام 1991م سائلين المولى ان يسكنه فسيح جناه .
كاتب وكتاب
كتاب (هذا أبي) من تأليف خديجة وجيه المدني ، طبعته الأولى 2013 ، يقع الكتاب بطباعته وتجليده الفاخر في 245 صفحة ، من الورق المصقول الكبير ، ويزخر بالصور والوثائق والبيانات ،من مقتنيات مركز المخطوطات والتراث والوثائق ، منتقاة من مكتبة الباحث سعود عويض الديحاني الأهلية المهداة للمركز .