الحلقة السادسة
في إدارة سياسة المُلك والعامة ، والتعامل مع الممالك الأخرى
تراثنا – التحرير :
في الحلقة السادسة ، تواصل تراثنا نشر مقتطفات متفرقة منتقاة من كتاب ( الفخري في الآداب السلطانية والدول الإسلامية ) لمؤلفه : محمد بن علي بن طباطبا (1260 – 1309 هجرية )، مقدماً نصائحه ومشورته لما يُعين الملوك والسلاطين على تثبيت ملكهم ، وإدارة سياسة أمور العامة بحكمة ، والتعامل مع الممالك الأخرى.
-
نزل رسول الله صلى الله عليه وسلم على مشورة صحابي في بدر عملاً بقوله تعالى ( وشاورهم في الأمر ) .
-
أختلف المتكلمون في مشاورة الرسول عليه الصلاة والسلام أصحابه رغم تسديده الإلهي إلى أربعة وجوه .
-
صاحب كليلة ودمنة: يزداد المستشير برأي المُشير راياً كما تزداد النار بالدهن ضوءاً ، ولوكان أكمل عقلاً منه .
يواصل المؤلف بن طباطبا في تفصيل خصال المُلك التي ينبغي ان يتحلى بها أصحاب السلطان والسطوة ، والتحذير من خلافها، ومنها العمل بمبدأ المشاورة وعدم الاستبداد.
المشاورة والاستبداد بالرأي
قال الله تعالي : ( وَشَاوِرْهُمْ فِي الْأَمْرِ) ، وكان رسول الله صلى الله عليه وسلم ، يشاور أصحابه دائما .
لما كانت وقعة بدر خرج ، صلى الله عليه وسلم ، من المدينة في جماعة من المسلمين ، فلما وصلوا بدراً نزلوا على غير ماء ، فقام إليه رجلٌ من أصحابه وقال : يا رسول اله ، نزولك هاهنا شيء أمرك الله به ، أو هو من عند نفسك ؟ قال : بل هو من عند نفسي ، قال : يا رسول الله إن الصواب أن ترحل وتنزل على الماء ، فيكون الماء عندنا ، فلا نخاف العطش ، وإذا جاء المشركون لا يجدون ماء ، فيكون ذلك مُعيناً لنا عليهم ، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : صدقت ، ثم أمر بالرحيل ،ونزل على الماء .
واختلف المتكلمون في كون الله تعالى أمر رسوله عليه الصلاة والسلام بالاستشارة مع أنه أيده ووفقه .
أربعة وجوه
وفي ذلك أربعة وجوه : أحدهما أنه ، عليه الصلاة والسلام ، أُمِر بمشاورة الصحابة استمالة لقلوبهم ،و تطييبا لنفوسهم ، الثاني أنه أمر بمشاورتهم في الحرب ليستقر له الرأي الصحيح ، فيعمل عليه ، والثالث ، أمر بمشاورتهم لما فيه من النفع والمصلحة ، الرابع أنه إنما أُمر بمشاورتهم ليقتدي به الناس ،وهذا عندي أحسن الوجوه واصلحها .
نور على نور
قال : الخطأ في المشورة أصلح من الصواب من الانفراد والاستبداد ، وقال صاحب كليلة ودمنة : فإن المستشير وإن كان أفضل من المستشار ،وأكمل عقلاً وأصلح رأياً ،قد يزداد برأي المُشير راياً كما تزداد النار بالدهن ضوءاً ونوراً ، قال الشاعر :
إذا أعوز الرأي المشورة فاستشر
برأي نصيحٍ أو مشورةِ حازِمِ
يتبع لاحقا : الناس على دين ملوكهم
طالع الحلقة السابقة ( الخامسة ) : مشاورة الملوك خواص العقلاء
مسك الختام
عن أبي هريرة رضي الله عنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ” يُوشك الناس يتساءلون حتى يقول قائلهم : هذا الله خلق الخلق ، فمن خلق الله ؟ فإذا قالوا ذلك : فقولوا (قُلْ هُوَ اللَّـهُ أَحَدٌ . اللَّـهُ الصَّمَدُ . لَمْ يَلِدْ وَلَمْ يُولَدْ . وَلَمْ يَكُن لَّهُ كُفُوًا أَحَدٌ ) ثم ليتفل عن يساره ثلاثاً وليستعذ بالله من الشيطان “.
صحيح -رواه ابن السني
الأذكار / د. الشيباني
تواصل مع تراثنا