أصالة المعتقد وثبات الأصول ( الحلقة الثانية )
رسوخ سلفية أهل الكويت وأمراؤها وعلماؤها منذ القِدم
تراثنا – التحرير :
يوضح الباحث الكويتي والمؤلف د. دغش بن شبيب العجمي * في كتابه ( أمراء وعلماء من الكويت على عقيدة السلف ) أصالة انتماء الأغلبية الغالبة من أهل الكويت وعلماءها وشيوخها على نهج أهل السنة والجماعة وأنه نهج متأصل منذ القدم وفقا لما عليه السلف الصالح للأمة رضوان الله عليهم .
كان عدواً لدوداً للفساد
ونتوقف في هذا الانتقاء من الكتاب عند ثناء العلماء الاجلاء على الشيخ سالم بن مبارك آل صباح – يرحمه الله – واشادتهم به لغيرته على الدين وتصديه للمفاسد ، وننقل ما قاله الشيخ عبدالعزيز الرشيد عنه (1) :
-
كان الشيخ سالم الصباح يناقش جليسه ويسأله إذا كان له علم وأدب ، محافظاً على شعائر الدين ..وكان له من التُقى والديانة ما لم يكن لمن سبقه .
-
شهد العلماء بالنزاهة وأشادوا به منهم : عبدالله الدحيان والشيخ علي بن سليمان والشيخ يوسف ابن حمود ، والفاضل خالد محمد الفرج .
-
المؤرخ بن شملان : كان شجاعاً عفيفاً تقياً وكان يتجول بنفسه ليلاً في أنحاء المدينة ، وله حكايات بتعقب أهل الفجور كثيرة .
-
بن دحيان : ألا وأنه لأمير جَمُّ المناقب ، ” سالمٌ ” من المعايب ، قد ظهر لكم ” صباحُ ” صلاحِهِ ،وأشرقت فيكم شموسُ يُمنه وإصلاحِهِ .
كان سالم (1864 – 1921م ) من العفاف بحيث لم يتحدث عنه ألدُّ أعدائه بما يُجب القدح في عرضه ، وكان عدوً لدوداً للفسق والفجور ..له إلمام يسير بالنحو (2) ، وشغف بمطالعة الكتب الأدبية ، وله ميل إلى حفظ الأشعار العربية ، وبعض المسائل الدينية ، كثيراً ما يُناقش جليسه ويسأله إذا كان ذا علم وأدب ، محافظاً على شعائر الدين .. وكان له من التُقى والديانة ما لم يكن لمن سبقه .
ثناء أربعة علماء
أول أعماله تطهير البلد من الفسق ، حتى رتب مختارين في الأحياء لإزالة ذلك الدنس (3) فلهجت الألسنة بالثناء عليه ، لِمَا أبداه من الغيرة على الآداب العامة والأخلاق الفاضلة ، وقد تقدمتُ إليه – إذ ذاك – بقصيدة أعلنت فيها شكري على ما عمل (4) ثم تقدم إليه بعدي أربعة من الفضلاء : استاذنا الشيخ عبدالله خلف – الدحيان – والشيخ علي بن سليمان ، والشيخ يوسف ابن حمود ، والفاضل خالد محمد الفرج ، فنوهوا بذكره ، وأعلنوا شكرهم على سعيه الحميد ، وهمته المحمودة بقصائد غُرر تنشيطاً له وتشجيعاً (5) .
تجوله في الليالي
وقال المؤرخ سيف الشملان في الشيخ سالم : ” وكان شجاعاً عفيفاً تقياً ..وكان يتعقب أرباب الفسق والفجور ، حتي إنه – على ما سمعت – كان بنفسه يتجول ليلاً في أنحاء المدينة ، وله حكايات كثيرة بهذا الصدد منها هذه الحكاية : اخبرني المرحوم ” ..” أنه كان في شبابه منغمساً في الزنا ، وكانت له حوطة – والحوطة تطلق على مكان الفسق والفجور – وفي ليلة من الليالي سهر هناك حتى طلع الفجر الأول ، فخرج من الحوطة قاصداً بيته ، فرأى جماعة من الرجال أحاطوا به و أوقفوه ، و إذا به وجهاً لوجه مع الشيخ سالم الحاكم .
فسأله من أين جئت ؟ وأين تقصد ؟ فما كان منه إلا أن فكر في حيلة ينجو بها منهم ، فقال : أني آتٍ من البرّ – البادية – وتركت الناقة عند السور لدى بعض البدو ، فصدقه لأنه يعرفه ويعرف أهله في البر .
ثناء بن دحيان
وحين ظهور مناقبه وفضائله ، خطب الشيخ الدحيَّان خطبة حث فيها الناس على السمع والطاعة لولي أمرهم ، وأثنى عليه وذكَّرهم بنعمة الاجتماع والائتلاف ، فكان مما قال : .. وجمع أمركم على أمير صالح ، وهُمام ناصح ، ولاهُ الله أمركم فصلح ، وأقام فيكم بالعدل ونصح ، ألا وأنه لأمير جَمُّ المناقب ، ” سالمٌ ” من المعايب ، قد ظهر لكم ” صباحُ ” صلاحِهِ ،وأشرقت فيكم شموسُ يُمنه وإصلاحِهِ ، فقام بعريضة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر ، وأتي من الأعمال النافعة ما أوجب أن يُدعى له ويُشكر ، فاشكروا نعمة الله عليكم ، واطيعوا الله وأطيعوا الرسول وأولي الأمر منكم ، وناصحوا أمير يصلح الله أموركم ، وأطيعوه فإن طاعته واجبة في المعروف ، ومناصرته لازمة في العُسر واليُسر ، والأمر المخوف وغير المخُوف ..”
واختتم بن دحيان خطبته بالدعاء له : اللهم أصلح أميرنا ( السالم ) جَمعُهُ ، المحمود صُنعُهُ ، صلاحا تسعد به رعيته ، وتبلغه في الدنيا والآخرة أمنيته ، واغفر لنا وارحمنا وانت خير الغافرين ” . (6)
هذا الكتاب
(أمراء وعلماء من الكويت على عقيدة السلف )، للمؤلف دغش بن شبيب العجمي ( الطبعة الثانية – 1429 هجري /2008 م ) يقع في 270 صفحة من الحجم الوسط ، من مقتنيات مركز المخطوطات والتراث والوثائق .
يتبع لاحقا
*دغش شبيب العجمي : دكتوارة في أصول الدين ، مؤلف ومحقق لمجموعة من الكتب ( منصة تويتر @DrDaghashAlajmi ) .
هامش :
1- كتاب “امراء وعلماء من الكويت ” ، ( ص39 -41 ).
2- لآنه درس النحو على الشيخ يوسف القناعي رحمهما الله -انظر : مجلة الكويت (2/331) .
3- يعني مثل :هيئات الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر أو شرطة الآداب ، لإصلاح ما أعوج من أخلاق الناس ، ونحن الآن بحاجة ماسة إلى مثلها .
4- وهذا بيان للصلة الوثيقة التي كانت بين علمائنا وولاة الأمر وفقهم الله ، وفيها تشجيع العلماء للولاة على فعل الخير وحثهم عليه ، وشكرهم عند فعله ، وهكذا كان دأب علماء السلف مع ولاتهم ، وليس هذا من باب التزلف لإجل حطام الدنيا أو رغبة في جاه أو غيره ، بل هو من باب أداء الواجب الشرعي .
5- ” تاريخ الكويت ” (233) بتصرف يسير جداً .
6- “ا لخطب العصرية للشيخ عبدالله بن خلف الدحيان ” (219 -220 ) ،وله رسالة خاصة أرسلها للشيخ سالم يحثه على الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر ، وقد نشرها الشيخ محمد بن ناصر العجمي بعنوان ” وثيقة نفيسة ” .
الصور : ( تاريخ الكويت ) ، ( شبكة الأنترنت وارشيف تراثنا ).
طالع الحلقة السابقة ( الأولى ) : أفشلت سلفية أهل الكويت مخططات التنصير منذ القدم
وإقرأ ..
الحلقات والدراسات والبحوث والتقارير التاريخية المنشورة في تراثنا