أصالة المعتقد وثبات الأصول ( الحلقة الثالثة )
رسوخ سلفية أهل الكويت وأمراؤها وعلماؤها منذ القِدم
تراثنا – التحرير :
يوضح الباحث الكويتي والمؤلف د. دغش بن شبيب العجمي * في كتابه ( أمراء وعلماء من الكويت على عقيدة السلف ) أصالة انتماء الأغلبية الغالبة من أهل الكويت وعلماءها وشيوخها على نهج أهل السنة والجماعة وأنه نهج متأصل منذ القدم وفقا لما عليه السلف الصالح للأمة رضوان الله عليهم .
الباحث العجمي
-
الرشيد : أستبشر الكويتيون وتأملوا خيراً بتقوى وصلاح وعفة الشيخ ناصر بن المبارك ورغبته بالعلوم والمعارف .
-
رضا : يسألني الكويتيون عما يَشْكل عليهم في أمر دينهم ، وكان ناصر يسأل في دقائق العلوم رغم أنه لم يتلق العلم عن الأساتذة !
-
ظن في ابن تيمية الزندقة ولكن عَلِم بفطرته السليمة خطأه وادرك زيف من كان يُلقنه من تعاليم كاذبة فعاد إلى حقيقة أنه شيخ الإسلام وإمام الأنام .
يقول المؤلف العجمي ( ص42-44 ): ” وهذا الشيخ ناصر بن مبارك ( ت : 1336هجرية – 1917 م ) (1)– أخو الشيخ سالم – يقول فيه العلامة الشيخ عبدالعزيز الرشيد – يرحمه الله : ” وكان – رحمه الله – ذا تُقى وصلاح وعفة ونزاهة وميل شديد للعبادة ، حتى كان يُكثر نفل الصلاة ، وصيام التطوع ، وكانت له رغبة في العلوم والمعارف ، مما ترك الكويتيين إذ ذاك يستبشرون به ،ويتأملون بخ خيرا لوطنهم (2) .
وينقل العجمي عن الشيخ محمد رشيد رضا ( ت : 1354هجرية – 1935 م ) (3) في زيارته للكويت عام ( 1330 هجرية – 1912م ) والتي زار فيها الشيخ مبارك الصباح – وكان حاكم الكويت آنذاك – قوله : ” أنزلني في قصره الجديد الذي هو قصر الأمارة ، وتولى مؤانستي ومجالستي في عامة الأوقات نجله الشيخ ناصر رئيس لجنة مدرسة الكويت ، لأنه هو الذي يشغل عامة أوقاته في مدارسة العلم ، ومراجعة الكتب حتى صار له مشاركة جيدة في جميع العلوم الإسلامية ” .
ذكاء عربي نادر
ويستأنف العجمي نقله عن الشيخ رضا : ” وأقمت في الكويت أسبوعاً كنت كل يوم – ما عدا البريد – أُلقي خطاباً في أكبر مساجد البلد ، فيكتظ الجامع بالناس ، وكان يحضر كل يوم وجهاء البلد من أهل النفوس ،وحب العلم ، يسألون عما يُشكل عليهم في أمر دينهم ، وأما الشيخ ناصر ، فكان يسأل عن دقائق العلوم في العقائد والأصول والفقه ، وغير ذلك ، على أنه لم يتلق عن الأساتذة ،فهو من مظاهر الذكار العربي النادر “ (4).
ويقول العجمي : ومن حرصه أنه طلب العلم على أيدي أساتذة الكويت ” فتحصَّل على شيء من العلوم الدينية كالفقه والعقائد وغيره ، وعلى شيء من العربية (5).
طالع الحلقة السابقة ( الثانية ) :ثناء العلماء على سالم الصباح وتصديه للفساد وأهله .
الفطرة السليمة
وفي نقله عن الشيخ الرشيد : ” ومن غرائب هذا الشاب النابه – الشيخ ناصر – أنه كان في ابتداء أمره يرى في شيخ الإسلام ابن تيمية رأيه في الزنادقة والملحدين !!! وقد جري نزاع طويل في هذا الصدد بينه وبين بعض الأساتذة الفضلاء في الكويت ، أوشك أو يفضي إلى ما لا تحمد عقباه ، ولكن هذا الشاب الراحل عَلِم بفطرته السليمة خطأه الذي ارتكبه أولاَ، بل عَلِلم بِغِشِّ من كان يُلقنه تلك التعاليم الزائفة (6) ، فكان بعد أن استنارة بصيرته يرى أن ابن تيمية في الحقيقة هو ” شيخ الإسلام ، وإمام الأنام ، وحامي رحمى الدين “ (7).
هذا الكتاب
(أمراء وعلماء من الكويت على عقيدة السلف )، للمؤلف دغش بن شبيب العجمي ( الطبعة الثانية – 1429 هجري /2008 م ) يقع في 270 صفحة من الحجم الوسط ، من مقتنيات مركز المخطوطات والتراث والوثائق .
صور : (عبدالرحمن محمد – موقع منشور ) (ارشيف تراثنا ، الأنترنت ) .
هامش :
1- ولد ( 1301 هجري – 1883 م ) ، وتوفي وله من العمر خمس وثلاثون سنة ! وكان كفيفاً رحمه الله ، وكان للشيخ مبارك سبعة من الولد ، جابر وسالم – حكما بعده – وصباح وفهد وناصر وحمد وعبدالله ، انكر طتاريخ الويت ” (227 ) .
وترجمة الشيخ ناصر في مجلة “تراثنا ” (21-23 )العدد (10) شوال (1419 هجرية ) الموافق فبراير (1999م ) . وـأحب هنا أن أوجه للقائمين على “مركز المخطوطات والوثائق “ على خدمتهم الجليلة للباحثين ، وتيسير سبل الأطلاع لهم ، فقد رجعت إلى بعض المراجع والمجلات عندهم ، واستفدت منها و ” لا يشكر الله من لا يشكر الناس ” .
2- ” تاريخ الكويت ” (229 ) .
3- هو الشيخ العلامة محمد رشيد رضا ، ينتهي نسبه إلى الحسين بن علي بن أبي طالب رضي الله عنهما ، ولد عام (1282 ) هجرية في قرية من قرى جبل لبنان ، وتعلم في كُتّاب قريته ، ثم دخل المدارس النظامية ، ورحل إلى مصر ، وأنشأ فيها مجلة المنار الشهيرة ، وله فيها مقالات كثيرة ، وكان من أنصار الدعوة السلفية في نجد ، فطبع عشرات الكتب ، وكانت بدايه أمره على التصوف ، ثم مَنَّ الله عليه بالهداية للسنة ، له “تفسير المنار ” لكن أُخِذ عليه تأثره بالمدرسة العقلية ، فلعله رجع ، توفي – يرحمه الله – وهو يقرأ القرآن سنة (1354 – 1935م ) . انظر ترجمته في جمهرة مقالات أحمد شاكر ( 2/653 -665 ) .
4- مجلة المنار ( 16/398 ) .
5- ما بين المعقوفتين من ” تاريخ الكويت ” )227 -228 ) للرشيد .
6- في كل زمان ومكان علماء سوء ، فهذا ابن أبي دؤاد كان وزير سوء فاسد للمأمون حتى حَمَل الأمة على الكفر ثم رفع الله المحنة بالمتوكل . وهؤلاء العلماء علماء السوء ، أرادوا إفساد عقيدة الشيخ ناصر ، فحماه الله بالفظرة السليمة إلتى تعرف الحق ، ثم بعلماء الكويت الذين بينوا له الحق – وكان رجَّاعاً – فقبل قولهم وترك رأيه ، ولازالت طريقة دعاة السوء في دخولهم على الولاة وصالحي كبار أهل البلد ، مدخل سوء باسم الوسطية تارة ، وتشويه الحقائق تارة أخرى ، لإفساد عقائدهم وابتزاز أموالهم والتلبيس عليهم .
7- تاريخ الكويت ( 229 -230 ) .