حتى لا ننسى التاريخ ( الخامسة ) والأخيرة
صحة المواطن ونظافة المياه من التلوث في لوائح البلدية قديماً
تراثنا – د . محمد بن إبراهيم الشيباني * :
نشرت البلدية إعلانا في عام 1937 (وفق ما ذكرت د . نجاة عبدالقادر ) تأمر فيه عموم الحمّالين (1) ، وأصحاب الكَنْدَر (2)، بأن يضعوا أغطية ل ” قواطيهم ” أي أوعية الماء ، إذ لا يجوز حمل المياه في تنكات مكشوفة في الشوارع ، وقد منحتهم مهلة عشرة أيام ، على أن يُعاقب كل من يُخالف ، ومنعت كل من لديه بئر متعفنة من تكليف أحد بتنظيفها إلا بعد مراجعة البلدية .
-
اشتكى المواطنون من عدم نظافة المياه الذي يباع لهم فأمرت البلدية بعدم السماح للحمَّارة بالنزول بثيابهم وأرجلهم القذرة داخل التانكي لجلب الماء .
-
البلدية تعاقب من حمل الماء في تنكات مكشوفة في الشوارع بدون تغطية ، ومنعت كل من لديه بئر عفنة من تكليف أحد بتنظيفها إلا بعد مراجعتها .
شكوي المواطنين
وعندما تقدم الأهالي إلى البلدية بشكوى من عدم نظافة الماء الذي يُباع في سفن الشركة ، اتضح لها أن نواخذة (3) السفن ، كانوا يسمحون ل ” الحمّارة(4) ” بتعبئة قربهم بأنفسهم ، فينزل هؤلاء داخل التوانكي (5) بثيابهم وأرجلهم القذرة ، فيتلوث الماء ،ويتغير طعمه، ويشكل خطراً بتهدد صحة المواطنين ،ويؤدي إلى انتشار الأمراض .
الاحتياطات
وقد أرسلت البلدية إلى مدير شركة مياه الكويت ، موضحة الأمر ، وطلبت منه أن ينبه النواخذة إلى اتخاذ التدابير اللازمة للحد من هذه التصرفات ، بألا يسمحوا للحمّارة وأصحاب التوانكي بالنزول داخلها ، كما طلبت الحرص على جلب المياه العذبة ،واتخاذ الاحتياطات لمنع تسرب مياه البحر إليها .
-طالع الحلقة السابقة ( الرابعة ) :
ثلاث برك تسقي احياء مدينة الكويت القديمة .
تفعيل القوانين
لا أقول إن مثل هذه القوانين انعدمت ، وأو انقضت بموت المسؤولين في الماضي ، فهذا لا يقوله عاقل ، وإنما الكلام على تفعيل القوانين وتطبيقها على الكبير دون الصغير ، وعلى الغني دون الفقير ، وعلى الشيخ قبل المواطن العادي ، حتى ينعم الجميع ببلد القانون وتطبيقه ،وحتى يكون ذلك علماً أو راية على الرؤوس ، يتكلم بها الناس كلهم ، في الداخل والخارج ، كما يتغنى البعض منا اليوم بالقوانين في أوروبة أو بريطانية .
لا تنقصنا في الكويت كثرة القوانين والتشريعات ، ولكن ينقصنا التطبيق والاخلاص والحرص من المسؤول قبل الموظف ، ومن الموظف قبل المواطن ، ومن المواطن قبل الوافد ، ولكن ماذا لو علم كل أولئك أن المسؤول لا يطبق القانون ، ولا يخلص في عمله ، ولا يحرص عليه ، لا شك في أن الجميع – إلا من رحم – سيعزف عن تطبيقه ، فهو القدوة والأسوة .
الحرص والاخلاص
ألا ترون عندما يُشاع عن وزير او وكيل أو مسؤول في وزارة ما ، أو ادارة ما ، أن تقول فيه العامة ، يعجبك فيه الحرص والاخلاص غنه قانوني ،اذا كان لك حق تأخذه منه ، وعن طيب نفس ، وإن لم يكن لك حق فيه ، فلا تتعب نفسك معه .
والله المستعان ..
*رئيس مركز المخطوطات والتراث والوثائق ومجلة تراثنا .
هوامش :
1- الحمَّالي : مهنة يمتهنها من يعتمد رزقه على حمل أغراض الآخرين بمقابل أجر ، ونقلها من موقع لآخر .. وكما يطلق على صاحبها في بلدان أخرى العتَّال والشيَّال
2- الكندر : تسمية تُطلق على من امتهن نقل المياه من مصدر تجميعه ، معد لهذا الغرض ، وبيعه على الناس في البيوت أوالمحلات ، سواء بنقلها بواسطة القرب أوصفائح على الظهر ، او عربة تحمل حاوية للماء ( تانكي ) يجرها حمار .
3- النوخذة : وجمعها نواخذة ، وهو قبطان السفينة وقائدها .
4 – الحمَّارة : مهنة يقوم صاحب الدواب ( الحمار) ، باستعماله بصفة وسيلة لنقل الأغراض بمقابل أحر .
5- التانكي : جمعه توانكي ، وهو خزان الماء .