نتيجة الإهمال وقلة الخبرة
حشرات (الأرضة) تقتات على قلب المخطوطات وتتلذذ بها طولاً وعرضاً
تراثنا – كتب د. محمد بن إبراهيم الشيباني * :
الأشباح الماضية في الخزائن.. هي ما خطه أفذاذ الأمة العربية الإسلامية على رأي د .سامي الدهان وهي المخطوطات ، فهي بحق أشباح مازالت في المكتبات والخزائن العالمية ، لايد تخرجها وتحققها فتكون في متداول جملة أحفاد أولئك الأفذاذ لتقرأها ، وتستفيد منها وتضيف شيئاً إلى عالم الثقافة والعلم والمعرفة والريادة في الفنون المتنوعة .
-
أغلب مخطوطاتنا في العالم لم تُفهرس وهي في الغرب وأميركة أكثر مما هي في الشرق فصارت أشباحاً محبوسة لم تمسها يد .
-
البخاري ومسلم وابن تيمية وابن القيم والمتنبي والذهبي وابن رشد وغيرهم يصرخون من داخل الأقبية والخزائن لإخراجهم من الظلمات .
-
الحشرات بدأت تقتات على المخطوطات وأثرت الرطوبة والحرارة على الورق والحبر وقد تنقرض وتتلاشى لاحقاً.
لقد حرمت أمتنا مخطوطاتها في العالمين من الأيدي الفنية التي تفهرسها فتظهر لنا عناوينها المجهولة , فأغلب مخطوطاتنا في العالم لم تفهرس وفي الغرب وأميركا أكثر مما هي في الشرق ، فصارت أشباحاً لأنها محبوسة ومنذ أزمان ومن جهة ، لأنها لم تمسها يد كذلك منذ أزمان ، من جهة ثانية .
صرخات من الأقبية
البخاري ومسلم وابن تيمية وابن القيم والمتنبي والذهبي وابن رشد وياقوت الحموي والخطيب البغدادي وابن قدامة المقدسي وابن حوقل وغيرهم كثير وكثير جداً ، يصرخون من داخل الأقبية والقصور والخزائن، بل ومن تحت الأرض ومن فوقها في الرباطات والمساجد والكنائس ، أن أخرجونا مما نحن فيه من ظلمات وحشرات ورطوبة وحرارة وبرودة ، لقد أثرت كلها في أجسادنا (الورق والحبر والخط) فكل شيء منا أخذ بالانقراض والتأثر ، أدركونا قبل أن لا تقتات علينا حشرة (الأرضة) التي وصلت إلى قلبنا (قلب المخطوطة) فبدأت بأكلها والتلذذ بذلك طولا بعرض .
مطاردة المخطوطات
العلامة أحمد تيمور باشا وأحمد زكي باشا والشيخ طاهر الجزائري ومحمد كرد علي وغيرهم ، كانوا يطاردون المخطوطات في كل مكان في العالم ، تركية وباريس وبطرسبرج وتوبنجن بألمانية وغيرها ، ليردوها إلى مكانها في مصر والشام ، واليوم توقفت هذه المطاردات للأصلي منها ، وأخذ الحرص على المصورات منها إن وجدت ، ولكن النادر منها مازال مفقودا في هذا العالم الفسيح الغني بهذه الثروة العظيمة والكنز الكبير ، فالتصوير مهما كان لا يستطيع أن يظهر ما فيها من أبداع ، لأنه جامد .
المكتبات والمستشرقين
بطرسبرج التي زرتها عام 1989 قبل البروستيريكا بشهرين ، وطفت بين مكتباتها ، مكتبة جامعة لينينغراد (بطرسبرج اسمها الأول) ثم مكتبة جمعية المستشرقين الروس ، ثم مكتبات عامة أخرى، والالتقاء بالمستشرقين الروس مثل أنس خالدوف والدكتورة أولغا فرلوفا وغيرهما .
أربعون عاماَ
العلامة أغناطيوس كرتشكوفسكي أولع بالمخطوطات العربية ، وأظهر هذا الولع في مؤلف كتبه عنها تحت عنوان (أربعون عاما مع المخطوطات العربية بين الكتب والناس) وكتابه مشهور بالروسية والعربية والفرنسية .
لا يستطيع العاد أن يعد كم بقي من مخطوطاتنا بعد كل تلك الكوارث وإلى يومنا أي كم بقي مما فقد ؟!
- ما فُقد وتلف في الحروب والنكبات والاستيلاء عليها بالسرقة وغيرها وترحيلها إلى غير مواطنها كثير جداً ولكن لا يعدو أن يكون 30% من أصل ثلاثة ملايين مخطوطة مازالت منتشرة في خزائن العالم .
والله المستعان ..
*رئيس مركز المخطوطات والتراث والوثائق ومجلة تراثنا