الحلقة ( 10)
شفاء الأسقام بالطب النبوي بين النظرية والتطبيق
تراثنا – التحرير :
في الحلقة العاشرة ، تواصل تراثنا نشر حلقات ومقتطفات من دراسة (شفاء الأسقام بالطب النبوي الأصيل بين النظرية والتطبيق) أهدته الباحثة الأستاذة السعودية سلوي صقر حسين المحمد (*) لمركز المخطوطات والتراث والوثائق بغرض تعميم الفائدة للباحثين والمهتمين.
مبحث الحسد في الأديان
الحسد .. كيف عرفته الأديان السماوية ؟
أثارت وفاة طالب الثانوية العامة المتفوق-الذي كاد أن يحقق حلمه ويدخل كلية الطب في حادث طريق ، وبعدها وفاة اليوتيوبر الشهير مصطفى الحفناوي ، على إثر أصابته بجلطة في المخ – الجدل حول تسبب الحسد وعين ( الحسود) في ذلك .
واتفقت الأديان السماوية على رفض ( الحسد)، وذكرت الخوف منه في كتبها ، حيث ظهر ذلك المفهوم بين جميع الأديان ، باعتباره شراً كبيراً ، واقتران هذا المعتقد ببعض الممارسات التعبيرية التي ظهرت في الحضارات القديمة غير السماوية ، حتى أن كثيراً منها لا يزال مستخدما حتى اليوم .
الحسد في اليهودية
تؤمن اليهودية بالحسد ، ولقد ذُكرت العين الحسودة عدة مرات في كتاب ( أخلاقيات أبنائنا ) في الفصل الثاني ، حيث قام خمسة تلامذة للحاخام ( ابن زكاي ) ، بإسداء نصيحة بشأن كيفية اتباع الطريق الصحيح في الحياة ،وتجنب الطريق الخاطئ .
وقد قام الحاخام ( أليعازر) إن العين الحاسدة أسوأ من أصدقاء السوء ،وجار السوء ، وحتى أشد سوءاً من قلب قلب فاسد ، وتؤمن اليهودية بأن حياة الحاسد بعيدة عن السعادة في أي أمر من الأمور .
وكان ” حكماء اليهود ” قبل نحو ألفي عام يقولون إنه : ” يمكن الابتعاد عن عين الحسود من خلال اتباع سلوكيات متواضعة بعيدة عن التباهي لكي لا تجلب الحسد لصحابها ” .
ولهذا اتخذوا وسائل عدة للحماية من عين الحسود ، ومنها تميمة تسمى تميمة الباب ( Mezuzah ) توضع على كل باب لبيت يهودي تقريباً ، وتوزع على أماكن في البيت مثل الغرف أحياناًٍ ، في داخل هذه التميمة هناك علبة صغيرة وطويلة ، فيها ورقة تتضمن عدداً من آيات التوراة الثابتة عندهم .
وعلى المتبع للديانة اليهودية لمس هذه التميمة كل مرة عند العبور إلى جانب الباب ، وتقبيل اليد التي لامستها ،ويعتبر الكثير من اليهود التميمة رمزاً لحماية المنزل وسكانه .
أنقر لمشاهدة الحلقة
الحسد في المسيحية
و تؤمن المسيحية – هي الأخرى – بالحسد إيماناً كبيراً ، وحاربته وقاومته ، واعتبرته واحداً من الخطايا التي يقترفها الناس تجاه بعضهم بعضاً ، وتؤمن أن قابيل حسد أخاه هابيل ، ويوسف الصديق حسد إخوته ، والسيد المسيح أسلمه كهنة اليهود للموت حسداً .
وفي آخر صلاة الشكر يقال : ” كل حسد وكل تجربة وكل فعل شيطان انزعه عنا ” ، لكن المسيحية ترى أنه لا ضرر للمحسود ، وألا كان جميع المتفوقين والأوائل عرضة للحسد ، والضياع ، وأيضا كل الذين يحصلون على مناصب مرموقة .
وتري المسيحية أيضا أن الصلاة ليست خوفاً من (ضربة عين) المزعومة ، وإنما نصلي لكي يمنع الله الشرور ، والمكائد والمؤامرات ، التي يقوم بها الحاسدون بسبب قلوبهم الشريرة .
طالع حلقات منتقاة من دراسة :
شفاء الأسقام بالطب النبوي بين النظرية والتطبيق
الحسد في الإسلام
ذكر القرآن الكريم – في أكثر من موضع – الحسد باعتباره شراً مستطيراً في نفس الحاسد ، فاستنتج البعض أضراراً تقع على المحسود ، والحسد عند الناس مثل تمني زوال النفع والخير من عند المحسود .
أي كراهية الحاسد نعمة الله أنعمها الله على أخيه ، وحبه لزوالها عنه ، والحق أن الحاسد يكره المحسود ذاته ، أي كراهيته لما عنده النعمة ، وليست الكراهية للنعمة ، ورد ذكر الحسد في القرآن .
الحسد عند الصابئة
الصابئة المندائيون هم أحد الطوائف السماوية ، وقد رفضت الحسد ، واُعتبر من ضمن المحرمات التي ذكرت في نصوصهم المقدسة ، والتي ذكرت كراهية : الكذب ،وشهادة الزور ، وخيانة الأمانة، والعهد ، والحسد ، والنميمة ، والغيبة ، والتحدث والأخبار بالصدقات المعطاة ، كما طالبتهم النصوص المقدسة عند المدائيون أن :” نزهوا أفواهكم من الكذب والزيف .. ولا تقربوه .. أمسكوا قلوبكم عن الضغينة والحسد والتفرقة .
الحسد عند الدروز
الطائفة الدرزية – هي الأخرى – رفضت الحسد رفضاً مطلقاً ، ورأت أنه من شرور البشر ، وتنتشر في المصادر الدرزية العديد من الأدعية ، الخاصة بالحسد ، مثل : ” اللهم أخرج كل عين وحسد ” .. ويذكر في النصوص الدينية الدرزية أيضا أنه : لا راحة مع حسد ، ولا سؤدد مع سأم .. لا صواب مع ترك المشورة ، لا مروءة لكذوب ، لا محبة مع مراء ، لا زيادة مع زعارة ، لا وفاء لملول .
غلاف الدراسة
(*) : الباحثة السعودية الأستاذة .سلوى صقر حسين المحمد ،باحثة في الطب النبوي ، عضو كرسي الشيخ يوسف عبداللطيف جميل – جامعة عبد العزيز ، عضو منظمة الطب الأصيل العالمية ،عضو في الجامعة الطبية الإلكترونية، ومرشحة لجائزة الشيخ زايد في دورتها الثالثة .