ثقافة إسلامية
تراثنا – د . محمد بن إبراهيم الشيباني (*) :
الإسلام العظيم ،والدين الخاتم للأديان السماوية ، هو دين المسامحة والعفو والوسطية ، لا الغلو والانحراف عن الدين بالضرورة .
أحكامه وتعاليمه نافعة ونافذة لكل زمان ومكان ، وعلى الدوام ، الانحراف يأتي ممن جهله وشاده ، فيبقى هو ، وينكسر من جهله وشاده.
من أراد الإسلام العالي صعد إليه ، وهو الدخول فيه ، ولا ينزله دين الله إلى الأسفل لأي أحد كائناً من كان ، ولايتساوى مع أديان منسوخة ، أو من وضع البشر ، يقول تعالي ( وَمَن يَبْتَغِ غَيْرَ الْإِسْلَامِ دِينًا فَلَن يُقْبَلَ مِنْهُ وَهُوَ فِي الْآخِرَةِ مِنَ الْخَاسِرِينَ) آل عمران – 85.
لا يمثل هذا الدين العظيم من خان الأمانة ، أو سرق جاره ، أو قتل الناس بغير الحق ، بل لو عذب هرة ، أو أي حيوان بهيم حتى مات ، ولا يمثل الإسلام من شارك في فتنة أو أججها ، بل لا يمثله من أكل مال هذا أو أذى ذاك ، بل المطرود من عفو الله ورحمته ومغفرته من جعل لله نداً وهو خلقه فعبده كائناً من كان .
يصل في المسلم العفو والصفح والمسالمة إلى حد يعجر غيره عنه ، ولكن كل تلك الآداب لا تعني أن يتنازل أو أن يوافق المشرك على شركه ، والكافر على كفره ، أو يوافقه على زنى أو شرب خمر وبيعها ، والسكوت عن فواحش تقترف باسم أي دين من الأديان .
نحن نصادق الكثير من غير المسلمين ، من عرب وأجانب ، ولكن لا يعني ذلك أن نوافقهم على ما يختلفون فيه معنا .
نصادق ونساعد ونفزع لاصدقائنا من غير المسلمين ، مثلما نفزع لاخواننا المسلمين ، ولكن في غير معصية أو مخالفة لدين الله ، بل حتى مع المسلمين ، لا نعينهم على معصية أو نصطف معهم .
هذا ما تربينا عليه ، وحفظناه من الدين ، و لا يضرنا او يوقفنا من خالفنا ، او غضب علينا ، أو اتخذ منا موقفاً من المواقف .
والله المستعان ..
-
الحصاد :
” من زرع شراً حصده ، ومن قدم خيراً وجده “ مرعي الحنبلي
(*) : رئيس مركز المخطوطات والتراث والوثائق ورئيس مجلة تراثنا .