اين هم أهل الأمانة والإخلاص والتجرد ؟
تراثنا – د . محمد بن إبراهيم الشيباني * :
كثيرون ممن يقولون : لو كنت حاكماً ، أو وزيراً ، أو مسؤولاً كبيراً ، لفعلت كذا وكذا ..لوضعت يدي على مكان الخطأ فأصلحته ، ومكان الصواب وشجعته !
-
كثيرون ممن وُسدت أمور الناس إليهم وضعوا لهم الشمس في يد والقمر في اليد الأخرى ثم ذابوا كما يذوب الملح في الماء !
-
الحاكم والوزير والمسؤول موقوفون بين يدي الله العظيم ، وهو سائلهم عن الصغيرة قبل الكبيرة ، فلا يغرنهم تعدد النعم وليعدوا للسؤال جواباً.
لا شك أنها أضغاث أحلام ! فكم من الناس من يقول مثل ذلك ؟! كثير . ولقد سمعنا منهم ما يشعرنا بإن الشمس أصبحت في هذه اليد ،والقمر في اليد الأخرى ، ولكن سرعان ما تبددت آمال الناس في أحلام من وصل إلى تلك المناصب ، ثم ذاب كما يذوب الملح في الماء ، نبحث عنهم ، وإذا هم في الصفوف الخلفية ، إن كان لهم وقوف فيها ، وإلا فالكثير متوارٍ عن الناس ، خشية من أن يُنتقد وتُقام على الحجة .
هناك غير هنا ، أي في أماكن الفتنة التي لا ينجو منها إلا من حباه الله ، فخرج منها مثلما دخل فيها ، ومكان الأخيار هنا بين البهاليل والضعفاء ، يصيح معهم كلما صاحوا ، ويبكي كلما بكوا ، حتي إذا حج أحد من أهل الدنيا ، كانت حجته كبيرة وراسخة ، تزعزع الجبال الراسيات من قوتها .
ولكن أين هؤلاء اليوم ، خالو الوفاض والسريرة من أهل الإيمان الناصع ،والأمانة الواضحة المعروفة بين الناس ؟!
يقول الشريف الرضي في خليفة عصره ، وقوله يصلح أن يوجه لكل من جاء بعده :
مهلاً أمير المؤمنين فإننا
في دوحة العلياء لا نفترق
ما بيننا يوم الفخار تفاوت
أبداً كلانا في المعالي معرق
إلا الخلفة ميزتك فإنني
أنا عاطل منها وأنت مطوق
نعم ، الحكام محرومون مطوُقون بقيود من الداخل والخارج ، يتمنى العقلاء منهم أنهم لم يحكموا ، وهكذا هذه المناصب كلها ، أياً كان شكلها ورفع قدرها .
(وَقِفُوهُمْ ۖ إِنَّهُمْ مَسْئُولُونَ) الصافات-الآية 24 ،آية قرآنة عظيمة ، تعلّم وتحذّر من عواقب الأمور ، إن لم يعمل الحاكم والوزير والمسؤول بإمانة وإخلاص وتجرد ، فإنهم موقوفون بين يدي الله العظيم ، وهو سائلهم عن الصغيرة قبل الكبيرة ، فلا يغرنهم اليوم كثرة الخدم والبشر الذين يحفونهم عن اليمين والشمائل ، وتعدد النعم والأموال والنساء ، فعليهم من الآن أن يعدو للسؤال جواباً .
والله المستعان ،،
*رئيس مركز المخطوطات والتراث والوثائق ورئيس مجلة تراثنا .
مهلاً أمير المؤمنين فإننا
في دوحة العلياء لا نتفرّق
ما بيننا يوم الفخار تفاوت
أبداً كلانا في المعالي معرق
إلا الخلافة ميزتك فإنني
أنا عاطل منها وأنت مطوق
مجرد تصيح إملائي :
لا نتفرّق ، الخلافة
نشركم لكم حسن تفاعلكم ومشاركتكم الطيبة ..