هل كل من يدعو للاستفادة من القديم متخلف ينبغي استئصاله ؟؟
تراثنا _ كتب – د . محمد بن إبراهيم الشيباني (*) : إن تدفق حركة النشر في الكويت اليوم ومواكبة ما ينشر في العالم من ثورة معلوماتية وتقنية حديثة تنقلها لنا سواء عن طريق الحواسيب ومنها “الانترنت ” أو الشرائط الممغنظة .. وخلافها ، كل هذا لا ينبغي أن يصرفنا عن الرجوع إلى المعلومات القديمة في بداية القرن الماض إلى فترة الأربعينيات والخمسينيات والستينيات عما نشر من كتب متنوعة ، وما كان يُنشر في المجلات العربية القديمة من موضوعات قديمة قيمة ثرية ، سواء من خلال المجلات التي توقفت أو الأعداد القديمة التي مازالت تصدر حتي اليوم مثل مجلة العربي والكويت والبيان وغيرها .
-
الأوطان والحوادث مثل تواريخ البشر لا يستطيع احدنا إهمال تواريخها القديمة ولكل أمر بداية ونهاية.
-
عمق الأسلوب القديم في الكتابة لغة وبياناً أقوى تأثيرا في القارئ منه اليوم في كثير من كتابات الكتاب.
-
كان الطالب أو شيخه أشبه بالموسوعة تمشي على الأرض لكثرة الأطلاع والقراءة والأتقان والجودة.
فالموضوعات لا تبور ولا تفسد مع مرور الزمان ، فلكل أمر بداية ونهاية ، ولكل حادث حديث ، ولكل حرب أسباب وفتن تسبقها .. وهكذا ، فلا يستطيع أحدنا أن يكتب ترجمة لشخص ما إلا بالرجوع إلى ماضيه وتاريخه وسجله ، وهكذا الأوطان والحوادث وتواريخ الناس ، وبالرجوع إلى كتب التاريخ من بدء الخليقة إلى أزمان مؤلفيها وإلى يومنا لا نجدهم يهملون تواريخ ما قبلهم إنما يدونونها بأسلوبهم وطريقتهم ، فهذا الطبري ومن بعده مثل ابن الأثير وابن كثير الدمشقي والسيوطي وغيرهم قد كتبوا تاريخ البرية والأرض وحوادثها ومن عليها منذ بدايتها ، كما كتبه الذين سبقوهم ، فأضافوا عليه حوادث عصرهم .
العمق و التأثير
إن عمق الأسلوب القديم في الكتابة ، لغة وبياناً وتأثيراً، في القارئ ، أقوى منه اليوم في كتابات الكثيرين ممن يكتبون وعلى جميع المستويات ، السياسية والاقتصادية والثقافية والاجتماعية …ولا أعني بكلامي بخس الناس أشياءهم وأنه لا يوجد اليوم من الكتاب المجدين البارعين في الكتابة والانشاء والأسلوب والتأثير بالجماهير ، فهذا لا يقوله عاقل ، ولكن نقول هذا من باب أن هذه الأصناف ليست كثيرة اليوم باعتبار ان الثقافة اليوم والأخذ بها ليس كالأمس ، حيث كانوا يتلقونها منذ الصغر من أفواه العلماء والمشايخ ، وأن كثرة مشايخ الطالب في القديم غير عنه اليوم ، ففي السابق يتلقى الطالب علمه من عالم في اللغة وآخر في المنطق والحكمة والفلسفة ، وآخر في التاريخ والسيرة والفقه الحديث ، ورابع في علوم القرآن وخامس في علوم الطب وعلم الصيدلة ، وآخر في علمي البيطرة والخيل .
الطالب الموسوعي
وهكذا تجد الطالب أو شيخه موسوعة تمشي على الأرض ، وكل ذلك قد دُون أو سُجل في المخطوطات القديمة ، وتُرجم لكل أولئك في المجلات القديمة ، لأنها كانت تحرص على مثل هذه العلوم مثل مجلة “المنار ” لصاحبها محمد رشيد رضا ( صدرت في مصر ) ، ومجلة الزهور ( صدرت في لبنان ) ومجلات الجامعات التي كانت تصدر في كليات الآداب ، ومجلات المجامع اللغوية في العالم العربي ومجلات الاستشراق التي كانت تصدر في أوربة مثل مجلة جمعية المستشرقين في “هالة ” بألمانية ومجلة جمعية المستشرقين في بريطانية وهولندة وفرنسة ومجلة العالم الإسلامي لزويمر .
الداعون لاستئصال الماضي
السؤال : هل يدرك الجميع أهمية ذلك ممن يتصدون للكتابة أياً كان نوعها ؟ أم عندهم إن كل قديم لا يصلح للحديث به اليوم ؟ و إن كل من يدعو للقديم فهو شاذ وعلى الجميع استقصاؤه وإبعاده عن حياتنا ، لأنه يدعو للماضي فهو أذاَ متخلف عن الركب ؟
تساؤلات تجعل الواحد منا يقف عندها متأملاَ مسترسلاً في أفكاره قائلاً لنفسه : هل كل أمم الأرض اليوم قد تركت علوم مفكريها القديمة وجعلتها من المهملات الباليات ؟
والله المستعان …
د. محمد بن أبراهيم الشيباني
رئيس التحرير
الصفحة الرئيسية تراثنا
خدمة تلقي الاخبار المجاني هنا
تنويه : تعتذر تراثنا عن استقبال مشاركات المتابعين الكرام لأكتفائها عدا التعقيبات والردود وبريد القراء