الحلقة (26)
تراثنا – التحرير :
في الحلقة (26)، تواصل تراثنا نشر متفرقات منتقاة من كتاب (الفخري في الآداب السلطانية والدول الإسلامية*) لمؤلفه : محمد بن علي ابن طباطبا (1260 – 1309 هجرية).
يواصل ابن طباطبا في تقديم إرشاداته ومشورته لمن وكل إليهم أمر سياسة العباد ،ويحكي بعض الأمثلة التي تعضد كلامه على فراسة بعض الحكام فيمن وسد لهم المهام ، فيقول :
حُسن سياسة الاسكندر
وقيل للإسكندر : بم نلت هذه المملكة العظيمة على حداثة السن ، بال : باستمالة الأعداء وتصيير هم بالبر والإحسان أصدقاء ، وتعاهد الأصدقاء بأعظم الاحسان وأبلغ الإكرام .
قال بعض الحكماء : لا يرد بأس العدو القاهر مثل التذلل والخضوع ، كما أن النبات الرطب يسلم من الريح العاصمة بلينه لأنه يميل معها كيف مالت !
وما نهج الملوك بشيء اشد من لَهَجِم بالصيد والقنص ، وهو الشيء الذي طالما اتفقت فيه النكت العجيبة ، والطرف الغريبة ، وكان المعتصم ألهج الناس به ، بني في أرض دُجيل حائطاً طوله فرسخ كثيرة ، وكان إذا ضرب حلقة يضايقونها ، ولا يزالون يحدون الصيد ، حتي يدخلوه وراء ذلك الحائط ، فيصير بين الحائط وبين دجلة ، فلا يكون للصيد مجال .
حمار وحشي معمر !
فإذا أنحصر في ذلك الموضع دخل هو وولده وأقاربه وخواص حاشيته ،وتأنّقوا في القتل وتفرجوا فقتلوا ما قتلوا وأطلقوا الباقي ، وقيل إن المعصم دوّغ عدة من حُمُر الوحش وأطلقها لأنه بلغه أن أعمارها طويلة .
وها هنا موضح حكاية طريفة عجيبة : حدثني صفي الدين عبد المؤمن بن فاخر الأرموي قال : حدثني مجاهد الدين أيبك الدويدار الصغير قال : خرجنا مرة في خدمة الخليفة المعتصم إلى الصيد ، وضربنا حلقة قريباً من الجُلُهُمة ، وهي قرية بين بغداد والحلة ، ثم تضايقت الحلقةُ حتى الفارس منا يصيد الحيوان بيده .
فخرج في جملة حُمُر الوحش حمار كبير الجثة ، عليه وسم ، فقرأناه وإذا هو وسم المعتصم ، قال : فلما رآه المستعصم وَسَمه بوَسمه وأطلقه ، وكان بين المعتصم وبين المستعصم حدود خمسمائة سنة !!
-مُنتقى من الصفحات : (52-53) .
كاتب وكتاب
* كتاب (الفخري في الآداب السلطانية والدول الإسلامية)، للمؤلف محمد بن علي بن طباطبا (1260 – 1309 هجرية) ، يقع في 360 صفحة ، نشر دار صادر – بيروت ،مقتنيات مكتبة مركز المخطوطات والتراث والوثائق .
تواصل مع تراثنا
أرض بني دجيل, استمالة الأعداء, اقوال الحكماء, الإحسان مع الأصدقاء, البر والإحسان, التذلل والخضوع, الجلهمة, الحمار الوحشي, الحمر الوحشية, الخليفة المعتصم والصيد, الصيد الملوك, الطرف الغريبة, المعتصم والمستعصم, بغداد والحلة, حكاية طريفة عجيبة, حيوانات أعمارها طويلة, دار صادر في بيروت, رد بأس العدو, سياسة الأسكندر الأكبر, صفي الدين عبدالمؤمن بن فاخر الأرموي, طول عمر الحمار الوحشي, عجائب التاريخ, غرائب الحيوانات, كتاب الفخري في الآداب السلطانية والدول الإسلامية, مجاهد الدين أيبك الدويدار الصغير, مجلة تراثنا, محمد بن علي ابن طباطبا, وسم الحمار