• Post published:11/08/2024

 

 

الحلقة الثانية

علامة الجزيرة حمد الجاسر في سطور 

 

الملك سلمان بن عبدالعزيز والمؤرخ حمد الجاسر
الملك سلمان بن عبدالعزيز والمؤرخ حمد الجاسر

تراثنا – التحرير :

 

يُعد علامة الجزيرة الأديب السعودي الشيخ حمد الجاسر(1910- 2000م) من كبار الأدباء في المنطقة ، وله مساهمات كبيرة في إحياء تراث الجزيرة العربية وله معجم عن جغرافية السعودية ومؤلفات عدة في التاريخ  والسير والمخطوطات وكتب في النسابة ومشاركات في مؤتمرات محلية وخارجية وغيرها.

 

 

العلامة حمد الجاسر رحمة الله عليه
العلامة حمد الجاسر رحمة الله

المؤرخ الجاسر :

  • والدتي اشقاها العمل بفلاحة الحقل وتربية الأطفال فنشأت هزيلة عليلة مشغولة بنفسها وفي ضيق من الحياة !

  • تلجأ الأمهات لعلاج اطفالهن بالأعشاب مثل الحلتيت والصبر ما يُضاعف آلام الطفل فلا مناص من علاجه بالكي .

  • والدي وجد في أخوتي عوناًً في عمله بالفلاحة ولضعف صحتي لم يعول علي فوجهني للتعليم فكنت ألأفضل منهم !

 

من أرشيف مركز المخطوطات والتراث والوثائق الصحفي الوثائقي انتقت  مجلة تراثنا تقرير هام نشرتها الزميلة القبس الكويتية في ملحقها الصحفي ، تحت عنوان ” شاهد على العصر ” ملفاً كاملاً عن العلامة الراحل بمناسبة وفاته ، ننشر مقتطفات منه ، وفي هذه الحلقة يلقي الجاسر الضوء على حالة والدته الفلاحة ومكابدة الحياة  :

 

عناء وشقاء 

 

المرأة السعودية تبيع نتاجها في الأسواق قديما
المرأة السعودية تبيع نتاجها في الأسواق قديما

 

أما أمي فكانت واحدة من نساء فلاحي القرى ، اللواتي يشاركن ازواجهن في الأعمال، ويقمن بأكثرها وأشقها ، فالمرأة تحضر الحطب من البر، وهي تحمله على ظهرها ، وتجمع علف المواشي من الأمكنة التي تنبت العشب ، أو من داخل الأراضي الزراعية .

وهي التي تعلف الدواب بعد تنقية العشب وغسله ، وهي التي تستخرج الطفيليات التي تنبت داخل الزرع فتضعفه ، وهي التي تنهض بشؤون البيت من إعداد الطعام ،وتربية الأطفال ، وتأدية شؤون الأسرة الأخرى ،وهكذا تنشأ عليلة هزيلة مشغولة بنفسها ، وبما ينتابها من الهموم بحالة أطفالها .

 

فأبوان يعيشان على تلك الصورة من الحياة – أو أسوأ – كيف تكون حالة ابنهما ؟ وماذا يكون عليه أطفال عاشوا في بيت شُغل أبواهما بما صرفهما من همومهما ؟ 

 

فضلاً عما قد يجري بين الأبوين من جراء ضيق الحياة من سوء تفاهم ، قد يفضي إلى الفراق ، فيبقى الأطفال في كنف ضرة لن تكون حالتها بأحسن من حالة سابقتها .

 

المعاناة في الطفولة 

 

 

المرأة السعودية قديما
المرأة السعودية وأسرتها وشظف الحياة قديما

كان الجاسر في طفولته مريضاً إلى درجة أن حفر لك أربعة قبور ، ويقول عن ذلك :” نساء فلاحي القرى لا ينلن من الراحة والتغذية الجيدة ما يمكنهن من ارضاع  أطفالهن الرضاعة الكافية ، فهن ينشأن نحيلات مرهقات للرضاع من خلو يديها من اللبن تضطر لاستعمال ما تراه لسد حاجته .

 

مما قد يؤثر على صحته من حيث لا تشعر ، فهي تغذية بقليل من التمر المشبع بالدهن ، أو بغيره من الأطعمة التي لا تتحمل معدته هضمها ، فيصاب بإشكال من المغص التي تقض مضجعه بالبكاء فتلجأ لاستعمال بعض الادوية العشبية كالصبر و”المر ” و ” الحلتيت ” وغيرها ، وكلها حارة تضاعف من آلامه فلا تحد حيلة من معالجته بالكي ، فتنقش بطنه بلسعات حديدة محماة بالنار ، وهكذا كانت حالتي كأمثالي من الأطفال الذين قل أن يعيش منهم إلا القليل .

 

ما كنت أدرك بسبب آثار ذلك المرض ، وأني لطفل لم يتجاوز الخامسة من عمره ، أن يدرك شيئا من تلك الفترة من حياته ، وإنما الذي ادركته ، فيما بعد فأصبحت أعد ذلك البلاء نعمة بالنسبة لي ، هو ما عبر عنه الشاعر القديم بقوله :

 

قد ينعم الله بالبلوى وإن عظمت 

                    ويبتلي الله بعض القوم بالنعم 

 

 

كل ميسر لما خلق له 

 

ومن المعروف أن الأطفال يُولدون متفاوتي الصحة ، فأحدهم يولد هزيلاً شاحب اللون ، وأخر مكتنز الجسم ذا حيوية وقوة وحركة ، وهذا الذي يُغالب سوء الحياة ، فيتغلب عليها فيعيش .

 

ولي أخوان شقيقان كانا أسعد حالاً مني ، فوجد فيهما أبي بعد كبرهما ما كان عوناً له في اكتساب المعيشة ، بينما أستمر الضعف معي ، مما حمل أبي على عدم التعويل عليّ في أي شأن من شؤونه ، فكان أن وجهني للتعليم ، فكنت في حياتي على ضعفها اسعد حالاً من أخويَّ اللذين شاركا أباهما في ما أصابه ، وهكذا توقعت ، فكل إنسان ميسر لما خلق له . 

 

يتبع لاحقا ..

 

 

طالع الحلقة الأولى

 

المؤرخ حمد الجاسر..كان أبي فلاحاً يعاني جشع التجار 

 

 

نقلا عن تراثنا – العدد 19

أنقر للتفاصيل 

 

غلاف مجلة تراثنا - العدد 19- الصادر في سبتمبر/أكتوبر 2000 م

 

 

تواصل مع تراثنا 

 

اترك تعليقاً