ملفات شائكة
وضع النقاط على الحروف
تراثنا – التحرير:
نفي باحث اكاديمي عراقي تبعية الكويت للعراق تاريخياً ، مؤكداً أنه رغم تبني هذه كقناعة شعبية وربما سياسية أيضا ، لافتاً إلى إنه بالنظر إلى الوقائع والوثائق والتاريخية ربما يتكشف أمر أخر مخالف !
جاء ذلك في لقاء حواري أجرته قناة عراقية في برنامج بعنوان (العراق عبر قرن) رد من خلاله الباحث د .عقيل عباس على تساؤلات طُرحت بشأن المشاكل الحدودية بين الكويت والعراق تاريخياً .
د. عباس
-
تبعية الكويت للدولة العثمانية كانت أسمية شكلية بدليل أنها تستمد قوانينها ولوائحها داخلياً من مجالسها .
-
رفضت الكويت اقتراح عراقي يدعو إلى تزويدها بالمياه من البصرة مقابل استئجار جزيرتي وربة وبوبيان !
و في بدء رده اعتبر د . عباس* أنه لو طرح الموضوع بشكل هادئ ومحايد فإنه من الصعب المحاججة بأن الكويت جزء من العراق مؤكدا أنه منذ تطور الكويت ونشأنها عام 1615م ، ومنذ حكمها بنو خالد على مدي قرن ، ثم حكمها ال صباح ، تطورت دينامية مشيخة الكويت السياسية والاجتماعية داخلياً، نافياً أي تأثيرات تدل على تبعيتها للدولة العثمانية على مدى مئتي عام .
وكشف د. عباس أن الحديث عن هذه التبعية جاء لأول مرة في عام (1871م) عندما أعلن مدحت باشا ان الكويت قائم مقائمية تابعة للبصرة ، وهذه كانت بموافقة الكويت .
وفيما بعد اعلن الشيخ عبدالله بن صباح أمير مشيخة الكويت- الذي اصبح قائممقام – رفع العلم العثماني ، مستدركاً في ذات الحين أنه لم تكن هناك أي سلطة عثمانية فعلية مباشرة على الكويت.
ومضى د . عباس مضى موضحاً أن (الاتفاق) البروتوكولي عام 1913 م مهم ، باعتباره برتوكول- بريطاني تركي- بموجبه تم تأكيد ان الكويت قائم مقامية عثمانية تابعة للبصرة ،في زمن مبارك الصباح كان الذي اميراً للكويت في حينها، في مقابل هذا تعترف الدولة العثمانية باتفاقية الحماية التي قامت بها بريطانية مع الكويت عام 1899 م وانتهت في 1961 .
انقر لمشاهدة المقابلة
سيادة عثمانية شكلية
ومضى إلى القول : بشكل عملي تعد هذه السيادة العثمانية على الكويت سيادة اسمية وليست فعلية ، إذ أن القوانين والأعراف التي تحكم الكويت كانت كويتية تنشأ من مجالس كويتية .
ونوه بأن فائدة البرتوكول (عام 1913م) أنه أكد الحدود الكويتية ، وفيه ادخال جزر وربة وبوبيان وام المرادم وفيلكا في الحدود ، وبين البرتوكول أن خط الحدود ، وما سُمي حينها بالخط الأخضر ، هو جنوب أم قصر ، وجنوب صفوان، وجبل سنام ، وقال ان هذه مناطق تعود للعراق، ولكن جنوبها هو خط الحدود (للكويت).
مقابل هذا اعطي الأمريكان امراء الكويت وشيوخها الذين كانوا يمتلكون بساتين كثيرة في البصرة والفاو بما أكد ملكية شيوخ ووجهاء الكويت لها واعفاهم من الضرائب.
واعتبر الباحث د . عباس أن أتفاق عام (1912م ) اصبح أساسياً فيما بعد، منوهاً ان المندوب السامي البريطاني بيرسي كوكس أكده عام 1923م بعد اعلان قيام الدولة العراقية ، حيث طالب حينها امير الكويت أحمد الجابر الصباح بريطانية بموقف واضح من مسألة الحدود ، فأُرسلت رسالة إليه مفادها تأكيد فكرة خط الحدود، هو جنوب جبل سنام وجنوب صفوان و مصب خور الزبير والتقاء خور الزبير وخور عبدالله.
الموقف العراقي
وأفاد : أن العراقيون كانوا ضد هذا الاتفاق ، مشيرا إلى مواقف نوري السعيد في عام 1934 و1938 ، فقد كان العراقيون يحاججون بعد ان نالوا استقلالهم ، ان بريطانية فرطت بحقوق العراق بإعطاء الكويت مناطق ( وربة وبوبيان وفيلكا )،
وقال أن العراق كان اهتمامه الأساسي وربة وبوبيان تاريخياً ، والسبب ان هذه المناطق تستطيع ان تستقبل سفن ذات حمولة عالية لا تعاني من مشاكل الطمي ، كما تعاني منه منافذ البصرة التي تطل على البحر ،واصفاً إياها بأنها مشكلة قديمة .
مخاوف كويتية
في رده على استفسار بشأن بقاء مشكلة الحدود بدون حل رغم تلك الاتفاقيات ، أفاد : بعد انتهاء الانتداب اكد الملك عازي حق العراق وصدام فيما في الكويت ، ومعظم النخب السياسية كانت متفقة معه ، لافتاً إلى اختلافهم في الأسلوب ، في حين لم يجري أي نقاش عراقي عراقي بشأن هذا الموضوع ، واستمر هذا الموضوع فيما بعد في الحكومات الملكية والجمهورية في مواقفها المتشابهة تجاه الكويت .
واختتم الباحث د . عباس حواره فيما يتعلق بإشكالية الحدود الكويتية العراقية بالقول أنه كان هناك إمكانية مخرج لهذا التصادم ، في المقترحات التي قدمت في الستينات و السبعينات، إذ دعا العراق الكويت إلى تقبل مقترح بموجبه يستأجر وربتي وربة وبوبيان من الكويت مقابل أن يسمح العراق بمد الكويت الماء عبر مناطق البصرة إليهم ،
ولكن الكويتيون اعتبروا هذا الاتفاق مثيراً لهم ،رفضوه في اخر المطاف ، لأنه لا يمكن الثقة على المدى البعيد بالحكومة العراقية من اجل انفاذ هذا الاتفاق ، وفقا للدكتور . عباس .
*عقيل عباس : دكتور جامعي يركز على الهويات القومية والدينية، والحداثة، والتحول الديمقراطي في الشرق الأوسط. وقد درّس في “الجامعة الأمريكية في العراق” و”جامعة هيوستن” و”جامعة أولد دومينيون”.