الحلقة الثامنة والأخيرة
وثائق منتقاة من الصحف العربية والعالمية القديمة
تراثنا – د . محمد بن إبراهيم الشيباني * :
تناولت مجلة (المنار) المصرية ، التي يرأسها العلامة محمد رشيد رضا – يرحمه الله – (1282-1354هـ / 1865-1935م) وغيرها ، جوانب مهمة فيما يتعلق بمجريات الأحداث فيما يتعلق بالكويت ومنطقة الخليج في تقاسم المصالح بين بريطانية ودولة الخلافة العثمانية في مطلع القرن العشرين .
في الحلقة الثامنة (والأخيرة) ، تستكمل تراثنا ما نقلته صحيفة المنار عن جريدة “المؤيد” موضحة حجم المكاسب الكبيرة التي حققتها ألمانية وبريطانية من “الاتفاق الإنكليزي التركي على الخليج العربي وشط العرب” ابرم في مطلع القرن العشرين، فيما نوهت اطراف بخسائر عظيمة لحقت بالدولة العثمانية ، إلا أنها ذكرت مكسبين ، فصلنا الأول منهما في الحلقة السابقة ،ونأتي إلى تفصيل المكسب الثاني :
والفائدة الثانية التي حصلنا عليها من وزارة سن جيمس هي أن هذه الوزارة وافقت على أن تزيد 4% على الرسم الجمركي (1).
وهنالك فائدة ثالثة للعثمانيين لم تُذكر في نص المعاهدة ، وهي أن العثمانيين اكتسبوا عطف السياسية الإنكليزية عليهم بصورة غير معينة ، أي أن الجفاء القديم قد زال إلى زمان مؤقت ، وتلك فائدة أدبية لنا من دون شك .
وبعد أن أوردت هذه الجريدة التركية مواد المعاهدة الإنكليزية العثمانية ، علقت عليها ما يأتي :
الراي الأول : عنصري يؤيد التخلي عن العرب !
وإذا أردنا تحليل نتيجة هذه المعاهدة ،ودققنا النظر فيما كسبناه وخسرناه منها ، لا نرى أن ذهاب قطر والبحرين والكويت وكل خليج البصرة من يدنا يستحق اللوم والانتقاد !!
لأن مثل هذه المقاطعات تفيد دولة تريد توسع في قواها ،ولكن على عكس ذلك تضر بالدولة الضعيفة ،ويعلم قراؤنا أننا على رأي القائلين بتكثيف القوى العثمانية ، التوسع فيها ، وسياسة التوسع في الملك والسلطة ( انبرياليسم) خارجة عن برنامجنا (يتكلم المحرر باسم حزت العنصرية التركية أي أن إبقاء هذه الأقطار البعيدة في حكم الدولة ضار بالدولة) ، لأننا مقتنعون بأنه لا يمكن الاطمئنان على مستقبل الدولة بتوزع قواها ، بل بتقرب اجزائها ، من ذلك نحن لا ننتقد ابداً هذه السماحة التي أبداها حقي باشا.
راي أخر : نؤيد ولكن
أما عن الأمر الآخر ، فلا نقول الأن كلمتنا الأخيرة مادام النص غير معلوم عندنا ، وقد ظهر لنا أن المفاوضات ما تزال غامضة من هذه الجهة ولكنا نقول من الآن :
ينبغي للذين تساهلوا ما وراء (فنار الفاو) أن لا يتسامحوا بما يليه ، والذين يفرون من الأمور خشنة ،و لعل السياسة العثمانية في لوندرة تظهر لنا مهارتها في هذا .
ونقول بشأن الأمرين اللذين هما في مصلحتنا ، أن الأمر الأول وهو تمديد سكة حديد بغداد إلى البصرة شيء كنا نتمناه من قبل ، لأنه يمدد لنا نفوذنا أيضاً إلى هناك ، وأن دخولنا إلى الجزيرة بعد خروجنا من الروم ايلي شيء يسرنا جداً .
وبعكس ذلك مسألة الرسوم الجمركية ، فإننا نرى دولتنا تسلك فيها من القديم مسلكاً مستقيماً ، ومحاولتها ضم 4 % على الرسوم الجمركية تدل خطتها في فهم الأمور الاقتصادية العثمانية .
التفريط بالجزيرة بمقابل ضئيل!
لا نحتاج إلى النجاح في ضم 4% إلى الرسوم الجمركية ، بل نحتاج في تنظيم التعريفة وتأسيسها ، أما ضم 4% فهو من مصلحة أوربة وليست هي التي ستدفع هذا الفرق ،بل الذي سيدفعه هم العثمانيون ، الذين سيشترون بضائع الأوربيين ، وكان ينبغي لنا عندما اعطينا اصدقاءنا حق الحكم على الخليج ، وأذنا لهم باحتلال الجزيرة أن نجعلهم يعترفون لنا بتنظيم التعريفة ،وحق عقد المعاهدات التجارية ،وبذلك كنا نخدم ثروة بلادنا .
أما الآن فلا نزال في موقفنا القديم ، وهو أننا كلما أن حصلنا على التعريفة ندفع عليها ثمناً باهظاً كهذا ، لا سيما ونحن متفقون مع دول المحالفة الثلاثية على ذلك ، وكان بقي علينا أن نتفق مع دول الاتفاق الثلاثي ، وكانت هذه فرصة لنا فأضعناها .
وبعد ، فإني لم أطلع على رأي لجريدة تركية في حادث الخليج العربي (2) والعراق غير هذه الجزيرة ، وهو كما يرى القارئ مؤيد لقول حضرة “المسلم” ، في صحف الاستانة وأصحابها ، ولله في خلقة شؤون (3). أنتهى .
هامش :
1-المنار : ” أي أن المادة الأولى للألمان ، والثانية مفيدة بشرط أن ترضى سائر الدول بذلك ،والثالثة التي سيذكرها وهمية .
2- الأصل : الفارسي .
3-رمز كاتب المقال نفسه ب (ميم) .
طالع الحلقة السابعة :
الدولة العثمانية تفرط بالعراق ودول الخليج لصالح بريطانية
نقلا عن تراثنا – العدد 89
أنقر للتفاصيل
احصل على النص كاملاً
تواصل مع تراثنا