الحلقة (8) والأخيرة
من تاريخ الكويت البحري
تراثنا – التحرير :
في الحلقة الثامنة والأخيرة ، تواصل تراثنا تسليط الضوء على حرفة سفر المراكب الخشبية الكويتية، ونتناول في السطور التالية ،” مهنة القطاعة ، ومركب “القطاعة”، حيث نبين الأغراض التي خصص لها ، مع جانب من ذكر بوم المهلب وحرقه في غزو الكويت .
مهنة القطاعة ومراكبها
القطاعة ..في تاريخ الكويت البحري هي مهنة نقل البضائع من ميناء إلى آخر ،داخل مياه الخليج ، وهي من أقدم المهن التي مارسها أهل الكويت منذ نشأة مدينتهم حتى الستينيات من القرن العشرين .
يستخدم (البوم القطَّاع) في هذه المهنة وهو يشبه (البوم السّْفار) ولكنه أصغر منه حجماً ، حيث لا تزيد حمولته على مئة طن من البضاعة ، ولما كانت الكويت بحاجة إلى أساسيات المعيشة ، مثل الأرز والقمح والتمر والخضروات ، فقد نشطت حرفة القطاعة ،وبدأ اتصال بحارة الكويت وتجارها بموانيء شط العرب ،و سواحل الخليج ، حتى غدت القطاعة من المهن الأساسية والمستمرة قبل ظهور النفط في الكويت .
ازدهار سفينة القطاعة
وحين أصبحت الكويت محطة مهمة لتجارة ” الترانزيت” ، إي إعادة التصدير ، برزت حرفة القطاعة كواحدة من أهم الحرف التي مارسها أهل الكويت ، حيث قامت سفن القطاعة بإعادة توزيع البضائع التي كانت البواخر تحضرها إلى الكويت على مختللف الموانىء الخليجية .
عدد سفن القطاعة
ولقد بلغ سفن القطاعة في الكويت في عام 1927م حوالي 160 سفينة ، كما بلغ حجم الصادرات من الكويت عام 1921م ما قيمته 1.52.000 روبية هندية ، ومع ازدهار عمليات الاستيراد والتصدير زاد دخل الحكومة الكويتية نتيجة للرسوم المفروضة على هذه العمليات ، حيث كانت من 4% إلى 6% على التوالي في عهد الشيخ مبارك الصباح ومجلة الشيخ جابر – يرحمهما الله .
وكذلك قامت سفن القطاعة بنقل العدد من السلع إلى جانب نقل المسافرين ، حتى الرمل والصخور والوقود قامت بنقله سفن القطاعة عبر تاريخها الطويل ،وكذلك الحيوانات مثل البقر والأغنام والحمير نُقلت على سطح البوم القطع .
المشاركة في الاقتصاد
فالقطاعة كانت مشاركة عامة في الحياة الاقتصادية ، يقوم بها بحارة الكويت ، ويرتزقون من ورائها دون شعور منهم بالمهانة أو الغبن ، وحين اندثرث حرفة الغوص على اللؤلؤ في الكويت ، استمرت القطاعة في نشاطها ، حتى توقفت في نهاية المطاف .
بوم المهلب
حين أوصى التاجر ثنيان الغانم صانع السفن الشراعية المشهور محمد بن عبدالله الأستاذ ببناء سفينة له من نوع (البوم السَّفار) كان يود لسفينته هذه أن تكون واحدة من أفضل ما صُنع في الكويت من سفن .
فقد قد قام ثنيان باحضار أفضل أنواع الأخشاب الهندية إلى الكويت ، وبدأ العمل في هذه السفينة في عام 1973م ، وحين تم تدشينها بعد شهرين من العمل المتصل ، اثبتت أنها واحدة من أسرع سفن الكويت السّفارة وأشهرها ، وأصبحت تُعرف بالمهلب .
وحين توقف السفر الشراعي في أوائل الخمسينيات من القرن الماضي ، بقيت هذه السفينة واقفة أمام منزل صاحبها ، حتى تم وضعها في متحف الكويت الوطني كتذكار لسنوات السفن الشراعية الغابرة التي مرت على الكويت .
ولكن جيش النظام العراقي البائد لم يتركها بسلام حين غزا الكويت عام 1990م ، بل أشعل فيها النار حتى غدت هذه السفينة كومة من الرماد تدفن داخلها الألوف من المسامير الحديدية ، ولم يبق لدينا اليوم سوى بعض الصور الفوتوغرافية التي تذكرنا بها .( إنتهي )
إعادة تجديد المهلب
تراثنا : الجدير بالذكر أنه تم أعادة تجديد بناء بوم المهلب في عهد الشيخ جابر الأحمد الصباح – يرحمه الله – عام 1996 كما نوه د . محمد بن إبراهيم الشيباني رئيس التحرير في تقرير نشرته تراثنا بعنوان (ذكريات مع ثانوية الشويخ وبوم المهلب) .
نقلا عن تراثنا – العدد 44
تواصل مع تراثنا