الحلقة الأولى
المدارس والمعاهد الأثرية في العالم الإسلامي
تراثنا – هشام إسماعيل عدرة *:
لقد عمل ولاة دمشق وحكامها في العصور الأيوبية والمملوكية والعثمانية على تخليد فترات حكمهم من خلال إشادة مبان معمارية.
حي المدارس
ومنها بشكل خاص المساجد والحمامات والقصور والخانات ، ولكن كان الأبرز في فترة المماليك والأيوبيين بناء المدارس التعليمية ،و نشرها في دمشق ، حتى أن منطقة كاملة في دمشق القديمة تحولت إلى ما سمي ب(حي المدارس) في العصرين الأيوبي والمملوكي .
والحال نفسه في حي الصالحية القديم خارج أسوار المدينة القديمة ، حيث بُنيت المدارس في العصر الأيوبي خاصة ، من قبل (ست البنين) والدة صلاح الدين الأيوبي – يرحمهما الله – ومازال هناك شارع يُطلق عليه شارع المدارس ، وإحدى هذه المدارس تحولت ، وهي (المدرسة العمرية) في منطقة الشيخ محي الدين يحي الصالحية ، تحولت إلى جامعة داخلية استقطبت طلبة العلم ، من مختلف بلدان العالم الإسلامي في ذلك الوقت .
المدرسة الجقمقية
وكما كان لهذه المدارس دوراً مهماً في نشر العلم بين الناس ، كان لها قيمة معمارية رائدة ، حيث تنافس الولاة على التفنن في هندستها المعمارية من خلال اختصاصيين مهرة في فنون البناء .
وتأتي في صدارة هذه الأبنية (المدرسة الجقمقية) حيث تعتبر واحدة من أجمل الأبنية الأثرية التاريخية في مدينة دمشق القديمة ، والتي تتموضع في حي الكلاسة المجاور للجامع الأموي الشهير من ناحية الشمال .
وعُرفت بالجقمقية نسبة إلى الأمير المملوكي نائب السلطنة بدمشق (سيف الدين جقمق) سنة 823هجري – يرحمه الله -واكتمل بناؤها سنة (824هجري -1421م) ، وجعل فيها تُربة ، دُفن بها والدته ، ووقف لها أوقافاً كثيرة ، منها سوق جقمق (مكان سوق الصوف حالياً) ، وخان يقع شمال جامع المُصلى ، وطاحونة الأعجام ، في وادي بردى .
والمعروف أن (جقمق) قُتل في يوم 27 شعبان 824هجري ، ودُفن في مدرسته ، حيث مازال قبره موجوداً في إحدى زوايا المبنى ، وقدة خلدت الكتابة المنقوشة على واجهة المدرسة أعماله العمرانية ، حيث عُرف عنه اهتمامه الواسع بالتعمير والبناء وحض الناس على الانتقال والسكن داخل المدينة .
21 معهداً علمياً
ولقد وصفها المؤرخ الأسدي حين اكتمل بناؤها بقوله:” وجاءت في غاية الحسن ليس بدمشق ولا مصر نظيرها” ،و المدرسة الجقمقية واحدة من عشرين معهداً علمياً كان موجوداً في هذه المنطقة من المدينة القديمة ، والذي يصلح أن يطلق عليه اسم (الحي الجامعي) لدمشق في القرون الوسطى ، حيث شهد الحي بناء عدد من المدارس على غرار الجقمقية ،و منها (الدلامية ) و (الشابكلية) وهناك الظاهرية و (العادلية) وغيرها ..
يتبع لاحقا ..
-والمزيد من التفاصيل يمكن مطالعتها في عدد مجلة تراثنا ..
نقلا عن تراثنا -العدد 92
لاقتناء نسختك
تواصل مع تراثنا