“الجمهوريات” في عالمنا العربي أكثر ملكية من النظم الملكية ذاتها
تراثنا- التحرير : تُعد الرسالة الصادرة بعنوان المبشر الأميركي جون فان آليس الذي دخل العراق بمهنة الطب –رحلة تاريخية 1320هجرية -1902م بمثابة وثيقة واضحة على الأساليب المختلفة في التبشير المسيحي في اوساط العرب والمسلمين في المنطقة ، من شرق الأردن حتي الخليج العربي ،وتمثل توطئة قدم لأطماعهم السياسية ، بأعادة ترتيب أوراق المنطقة ، وخلق ولاءات يسهل التعاون معها، بسقوط الدولة العثمانية .
د .الشيباني يؤكد :
• رسالة المبشر “جون فان آيس ” وثيقة تاريخية رغم ما شابها من مغالطات ومبالغات وتجني .
• استغل المبشر حاجة العراق للطبابة لنشر التبشير والتغلغل إلى قمة الهرم ..الملك فيصل الأول.
•فضلت بريطانية أن تكون العراق ملكية لأنها أكثر أستقراراً من الحكومات الوطنية المتغيرة .
الرسالة التي تقع في 48 صفحة من الحجم الوسط احدى منشورات مركز المخطوطات والتراث والوثائق ، صدرت عام 2005 م ، حققها وقدم لها بعد الترجمة د . محمد بن أبراهيم الشيباني رئيس المركز ورئيس مجلة تراثنا بنسختيها المطبوعة والإلكترونية .
يقول المحقق د . الشيباني في مقدمة الرسالة : رغم ما تضمنته هذه الوثيقة التي قام بها المبشر عام 1902م من مغالطات ، فإنها تُعد وثيقة تاريخية ، تبين لنا جوانب مهمة ‘على أصعد مختلفة لأحوال المنطقة العربية ، التي مر أو عاش فيها ” جون فان آيس ” المبشر الأمريكي ، ولاسيما العراق وتحديداً منطقة البصرة ، حيث يصف لنا حال الناس ، علمهم ، وجهلهم ، والأسماء الحقيقة للمناطق القديمة ، وكيف دخلت بريطانية إلى شرق الأردن والعراق والخليج العربي .
ويستطرد : “كما يكشف دور الخلافة العثمانية في العراق وولاتها ، ويصف لنا أنهار العراق ، دجلة والفرات ، وانواع الحيوانات المستخدمة آنذاك ، وقلة الطبابة ، واستغلال ( جون فان آيس ) حاجة الناس إلى العلاج عن طريق التبشير” كما أسس أول مدرسة في البصرة عام 1902 لأبناء نخبة اليوم ، تساعد على خلق بذرة الولاء للغرب .
التغلغل في السلطة
ويضع المحقق يده على النقطة الأهم في هذا البحث فيقول : ” ثم يتحدث فان آيس بعد ذلك عن تغلغله في السلطة حتي صار مقرباً من الملك فيصل الأول ، ووصوله إلى أن أصبح مستشاره في قضايا البلد السياسية المهمة ” ويتحدث كذلك عن وصوله إلى زوجة الملك، وتعاقبه على الحكومات العراقية المختلفة ، حتى استقلالها من بريطانية إلى زمن ظهور القومية العربية والشيوعية والأحزاب السياسية بعد ذلك .
ليس كله صحيح
ورغم أهمية المعلومات التي تضمنتها مذكرات “جون فان آيس” إلا أن د .الشيباني يتدارك موضحا : ” لكن هذا لا يعني بالضرورة ان هذا الكلام كله صحيح ، ففي الذكريات الشخصية كثيراً ما يعتريها المبالغة والصواب والخطأ ، ويدخل فيها التجني تارات ، والحقيقة تارة أخرى “.ويقر في النهاية : ” ومع ذلك كله ، الرسالة حافلة بالمعلومات التي قد لا توجد في أي كتاب ، أو رسالة أو بحث “.
مجلة العالم الإسلامي
ويشير المحقق إلى دوره في الرسالة : “لقد استللناها من مجلة العالم الإسلامي ( الموجودة كاملة في مكتبة مركز المخطوطات والتراث والوثائق ) التي كان يحررها المبشر زويمر ، ومن جاء في اعقابه من عام (1900 -1978 م ) وقد ترجمنا ما يتعلق بمنطقتنا وحوادثها آنذاك ، كتب البحث الأميركي هيرماس بيرجمان من كلية غرب اوريجون الحكومية موني وث اوريجون ” .
توليفة بريطانية
استطاع جون فان آيس كما قلت – الكلام للمحقق – أن يتغلغل بين الشعب العراقي وحكومته الملكية القائمة في عهد الملك فيصل ،وهي الحكومة الملكية الأولى بعد سقوط الدولة العثمانية وخروجها من ولاية العراق وبداية ، تولى الإنجليز إدارة العراق ، فكان أن اختارت لهذه الحكومة رجالها وشكلها ، وأن تكون ملكية لأنها أثبت من الحكومات الوطنية التي قد تتملك اصحابها الحماسة ، وتطغي عليهم الفوضى ، فتتغير في السنة الواحدة مرات عدة ، أي فكر يسقط ، فكر آخر ، و هو ما حدث بالفعل بعد سقوط الملكية ، أما الحكومات الملكية أو نظام الأسرة الواحدة ، فأكثر استقراراً، وقد جُرب ونجح ، بل أن النظم الحزبية الجمهورية اليوم قد تحولت إلى ملكية بتطبيق نظرية ما في الحكم الملكي من استقرار بعد ان يحاربونه ، أي صاروا ملكيين أكثر من الملكيات السابقة !
* تسجيل وثائقي لخطاب الملك فيصل الأول على البارجة البريطانية “ يوتيوب “
هذا البحث من البحوث المهمة التي تسلط الضوء على ارتباط التبشير باستعمار الدول ،والتمهيد له بل التأكيد عليه .
مقال ذو صلة بالكتاب ( المبشر الأميركي )
الصفحة الرئيسية تراثنا
خدمة متابعة الاخبار
تعقيبات المتابعين والمساهمات ضمن بريد القراء ادناه