تراثنا توثق رحلة ديكوري مع ملوك بغداد الثلاثة
(الحلقة 4 )
تراثنا – د .محمد بن إبراهيم الشيباني * :
ألقينا الضوء في الحلقات السابقة من هذا البحث على جزء يعد مفقوداً من حياة عبد الإله الشخصية التي ذكرها العقيد جيرالد سبمسون ديكوري الملحق العسكري البريطاني في السفارة البريطانية في بغداد بين عامي 1924 و 1929 في كتابه ” ثلاثة ملوك في بغداد ” وكان ملازما أكثر الوقت لعبد الإله في حله وترحاله ومشاركا له حياته الخاصة مما يعطينا تأكيدا على إنكليزية الحكومات الملكية في العراق بدءاً من الملك فيصل الثاني .
الجدير بالذكر ان ديكوري كان خلال الفترة من 1936 الى 1939م معتمداً سياسيا لبريطانيا في الكويت في حقبة الشيخ أحمد الجابر الصباح وسعى خلالها لبث الفرقة بين الحاكم والشعب لصالح العراق فتم طرده من البلاد باعتباره شخصية غير مرغوب فيها .
المعتمد ديكوري يتذكر :
• سلم الوصي عبدالإله زوجته الأولى المصرية كتاب طلاقها بيده شخصياً في الطائرة المتجهة إلى مصر!
• زواجه الثاني من فتاه مصرية لم يدم طويلا أيضاً والزواج الثالث والأخير من «هيام» ابنة أمير ربيعة .
• كان عبدالإله شديد الاستمتاع بالتسوق من أسواق لندن ، وكثيراً ما كان يهبط إلى محلات « بوند ستريت » بمفرده .
• واجه طلبه الزواج من أحدى بنات سفراء أميركة اللاتينية صعوبات بسبب اختلاف الدين.
لعل في ما ذكرناه في الحلقة الأولى والثانية وفي هذه الحلقات ما يوضح بعض أحوال الأسر الملكية مثل حياة عبد الإله ومرض الملك فيصل الثاني وانبهار الأميرات بالحياة اللندنية وخوفهن من الخروج متبرجات إلا من غطاء للوجه في الأحوال العامة في لندن خشية من نقل ذلك إلى الشعب المحافظ في العراق فتسقط الأسرة بسبب ذلك وأشياء أخرى . ومن الله نستمد العون .
زيجات عبد الإله
تزوج عبد الإله ثلاث مرات ، كانت زوجته الأولى فتاه مصرية جميلة تدعى « ملك فيضي » لم تنجب له طفلاً ، ولذلك طلقها لهذا السبب ، وكان نوري السعيد هو الذي سلمها كتاب الطلاق ، ومن دون سابق إنذار ، في الطائرة التي كانت تقلها معه إلى مصر ، وقد تزوجت هذه فيما بعد ضابط مصري وأنجبت له الأطفال .
زوجته الثانية
وكان زواجه الثاني ، والذي لم يدم سوى فترة قصيرة ، من فتاه مصرية أيضاً تدعى «فائزة الطرابلسي» ، وكان الزواج الثالث والأخير من «هيام» ابنة أمير ربيعة، الذي كان ينحدر أصلاً من رئيس شهير لمجموعة من قبائل «عنزة » والتي سماها «شارل دوتي» في ((كتابه الصحراء العربية))(1)» أمة لأنها كانت كثيرة العدد». وكان أمير ربيعة حسب الحكايات القبلية، يفوق على ابن سعود ، وهو رجل سخي متميز ، يعيش في منطقة الحسينية على نهر دجلة بالقرب من « كوت الإمارة » ويزرع مساحات شاسعة من الأراضي وكان أول من أقدم على استعمال الجرارات والتجهيزات الآلية الأخرى في الزراعة . وحين نهبت الغوغاء بيته في الحسينية ، بعد الثورة، باع كل ما كان يملكه هناك ، واخلد في شيخوخته إلى السكن في دار يملكها في بغداد وقد لحقت به ابنته “هيام” .
عبد الإله لا ينجب
لم ينجب عبد الإله أية أطفال من وراء زيجاته الثلاث ، وفي زيارته الأخيرة للندن أراد أن يتزوج من الفتيات الإنكليزيات الجميلات ، لكن ذلك لم يتحقق ، وأخيراً طلب من أحد سفراء أميركة اللاتينية في لندن ، يد إحدى بناته ، ولكن هذا الطلب واجه صعوبة شاقة بسبب الدين ، لأن الفتاة كانت من أتباع الكنيسة الكاثوليكية الرومانية ، ومن أسرة ذات مستوى رفيع ، ولكن أعرب أبوها بصفة دبلوماسية ، عن سروره بذلك الشرف لكنه أكد الحاجة إلى استشارة « رومة » وهكذا فلم تنجم عن ذلك الطلب أية نتيجة. (2)
عبد الإله معقد
كان عبد الإله ما يزال شديد الحساسية والانفعال ، ولكنه كان شديد الرغبة في محاولة التغلب على تحفظاته ، فلقد أصبح في تعامله مع الناس ، بل حتى في تذوقة الأمور أكثر تعقيداً ، وأخيراً وحين التقى بالليدي « تونارد » ، في باريس بالمس « الزي مندل » المضيفة الأميركية الساحرة ، ذات الشهرة العلمية ، خيل إلي أنه لن يستطيع إيجاد أساس مشترك معهما ، أوان يرغب في رؤيتهما مرة أخرى، وكان من دهشتي أن وجدته ، بعد أسبوع من التقائه مع الليدي كونارد ، معها مرة أخرى ، وفي دارها مع ثلة من المدعوين إليها ، وكلهم من الأذكياء المشهورين فلقد ذهب إلى هناك بمفرده ، ولم يرافقه أحد وأظن أنه وجد في ذلك متعة معقدة وغير أصيلة .
وحين دخلت غرفتها وجدتها تخاطب عبد الإله بصوتها الناعم قائلة والآن أخبرني أيها الوصي هل توجد أشجار النخيل في بلدكم ؟ .
مرض عبد الإله
وحين مرض عبد الإله بعض الشيء في بغداد سنة 1947 ، استقبلنا أنا والعقيد « فيل ماكلين» من البرلمان الإنكليزي وهو في سريره الأمر الذي أثار دهشة النائب ماكلين لقد كان عبد الإله يعتبر ذلك التصرف نوعاً من الاحترام .
عادات إنكليزية
وكثير ما كان عبد الإله يلاحظ النقاط الحسنة في العادات الإنكليزية أو العالمية ، فيقدم على اقتباسها تماماً . فقد كان يود أن يقود سيارته بنفسه ، ولكنه لا يفعل ذلك حين يطلب السرعة ، أو حينما يجد أن من الأصح أن يكون لديه سائق ، وكان في بعض الأحيان يقود بنفسه إحدى السيارات الصغيرة جداً في شوارع لندن ، أو في بغداد ، وكان يستمتع حين يسبب الارتباك لضيف غير رسمي ينتظر ، وهو يتطلع إلى سيارة من طراز « رولزرايز» أو إحدى السيارات الكبيرة نوعاً ما ، أو قد يميل نحو سيارة صغيرة يحاول سائقها أن يوقفها أمام منزله ،
يتلذذ بالتسوق
كان شديد الاستمتاع والتلذذ بالتسوق من أسواق لندن ، فبعد أن يتناول طعام الغداء في فندقه ، كثيراً ما كان يهبط إلى « بوند ستريت » بمفرده ، أو بصحبة مرافق له ، فيدخل مختلف المحال التي يعرفها جيداً ، ويحبها كثيراً ، وكان من اليسير عليه أن يعتبر مثل تلك الزيارات للسوق ممارسة ملذة ، لأن الأوضاع تمنعه أن يفعل ذلك في بغداد ، وكانت الهدايا تقدم بأعداد كبيرة إلى أسرته كلما عاد من لندن ، وكثيراً ما كانت تلك الهدايا تشمل على أنواع من الطيور .
يحب جمع الطيور
كان يعمل دوماً على تحسين صيد الطيور في كردستان ، وذلك عن طريق استيراد بعض أنواع الطيور ، من أمثال الديك البري الذي لم يكن معروفاً في بلدان أخرى مماثلة في الشرق والذي يعتقد بأن موطنه الأصلي هو كردستان ، لقد أخذ عدد الصقور ، وحيوانات أخرى هدية صغيرة ، يتناقص ، ولكن ما تزال قلة موجودة منها ، ويمكن تطويرها عن طريق التدجين وبعبارة موجزة كان عبد الإله جماعاً للأشياء ، لكنه كان يجمعها من دون إفراط ، ومهما قال عنه منتقدوه من أفراد الطبقة الجديدة المثقفة في العراق ، فإنه لم يكن أكثر مما كان متوقعاً من رجل في مثل مركزه صاحب نشأة جديدة لم يجلب من موطنه الحجاز سوى خصائص ضئيلة .
*رئيس التحرير رئيس مركز المخطوطات والتراث والوثائق
هوامش :
1 – معسكر الرشيد والذي كان يعرف قبلا باسم معسكر الهنيدي الذي رابطت فيه الفوات الانكليزية التي احتلت بغداد في الحرب العالمية الأولى و قد تخلى الانكليز عن هذا المعسكر إلى الجيش العراقي في سنة 1936 م .
2- ألف أرشد العمري وزارته في الأولى في اليوم الأول من شهر حزيران 1946 في أعقاب أستقالة وزارة توفيق السويدي التي اذنت للأحزاب السياسية و المنظمات النقابية بالعمل ، وقد استقال ارشد العمري في اليوم السادس عشر من تشرين الثاني 1946 م .
يتبع لاحقا .
زيارة الصفحة الرئيسية تراثنا
الإشتراك في ايميل خدمة تلقي الاخبار
التعقيبات والمساهمات ضمن بريد القراء ادناه
قصه زواج عبدالاله من شيخ ربيعه وهم من عنزه.. قصه كذب ودجل وليس لها اساس من الصحه قصد منها رفع شأن ربيعه او عنزه للأسف فالأمير عبدالاله كان يريد زوجه شقراء متعلمه ولم يفكر يوما بزوجه غير متعلمه