الروحية الحقة هي التي نميز من خلالها ما بين التبن والتبر نقد الصيرفي لدراهمه!
تراثنا – كتب : د .محمد بن إبراهيم الشيباني *:
إذا تحكّمت الحماقة في الإنسان، واستولت على كل أحواله، فعد له من البلاءات والمصائب والفتن ما لا حصر له. فالحماقة في المرء قاصمة للظهر، تهتك ستر نفسه، وتخرج مكنون صدره، وتعطيك شخصيته من دون تحليل أو أدوات مخبرية، فقد بادر بنفسه من دون عناء ولا مزيد جهد !
• الحماقة قاصمة للظهر ، تهتك ستر نفس الإنسان ، وتخرج مكنون صدره ، وتعطيك شخصيته دون تحليل !
• الحمقى كثيرو الطلاق والخذلان لأولادهم ،والخسارة والخذلان من الغير في التجارة ببساطة ويسر .
• ولى عصر القائد الملهم المفوه المبدع والجماهيري،الذي كنا نستعذب ارتشاف أقواله، ونستطيب اقتطافها .
وكم كتب الأولون من مصنفات في الحمق والحمقى، على رأسهم العلامة العراقي عبد الرحمن بن الجوزي في كتابه «أخبار الحمقى والمغفلين». ومعلوم أن الحمقى سريعو الغضب، وكثيرو إصدار القرارات غير المدروسة والمُحكمة، وهذا الصنف أكثر الأصناف التي تقع في أفخاخ الغير لقمة سائغة من دون معاناة ولا عنت كما مر.
كثيرو الخذلان
لا أريد في هذه الكلمات السريعة أن أتكلم على حال الأحمق في أهله وولده وخلانه وتجارته، فهذه معلومة عند الجميع. فالحمقى كثيرو الطلاق والخذلان لأولادهم، والخداع والخسارة من الغير في التجارة ببساطة ويسر، حيث إنهم لا يتحكم فيهم العقل والتؤدة والروية، وإنما العجلة غير السوية.
وما أردت قوله عن أولئك الجماهيريين في القديم والحديث، ممن قرأنا، وكيف تنقل لنا أجهزة «التعاسة» الاجتماعية، عن استعجالهم في الأمور وحماستهم وحماسة من يتبعهم أو يؤيدهم من دون تبصير ووعي، فقد أعيت الحماقة أصحابها.
القائد المفوه
لقد ولى عصر القائد الملهم والخطيب المفوه المبدع والجماهيري المتبوع، كنا نستعذب ارتشاف أقوالهم، ونستطيب اقتطافها، وكنا قد غرر بنا الإعلام آنذاك، فكنا أتباع أصنام بحمد الله قد هوت، لأنها إما حمقاء مثلنا لم نستفد منها شيئاً في حياتنا بعد ذلك، وهي لم تستفد، على طريقة إن كنت لا تدري فتلك مصيبة، وإن كنت تدري فالمصيبة أعظم، وإنما نحن الحمقى، وهي المخادعة لنا التي استغلتنا لتمرير مآربها، وتمكين الاستعمار من ديارنا وأنفسنا، لأنها كانت تخدمه، فاستمرت طويلاً.
أمراض الأمة
فدول المعسكرات كانت تحافظ على زعمائها بالاتفاق مع غيرها في الدول التي احتلتها، ولهذا عاش أولئك الزعماء وأهل الأفكار الحزبية وغيرها طويلاً، وجثموا على صدر الأمة حتى أمرضوها بالأمراض المستعصي علاجها.
الميزان
إن أخلاقنا الروحية رأسمال كبير في حياتنا كما نقل، وهي الباقية لنا، وهي الميزان الذي يعدل مسيرتنا ويرقيها ويرفعها عن السفاسف والحمق والتهور والاتباع لكل صائح في واد من الوديان، فالروحية الحقة هي التي من خلالها نميز ما بين التبن والتبر نقد الصيرفي لدراهمه.
حال الأكثرية :
﴿ وَإِنْ تُطِعْ أَكْثَرَ مَنْ فِي الْأَرْضِ يُضِلُّوكَ عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ إِن يَتَّبِعُونَ إِلَّا الظَّنَّ وَإِنْ هُمْ إِلَّا يَخْرُصُونَ ﴾. الأنعام (116).
والله المستعان..
*رئيس مركز المخطوطات والتراث والوثائق
ومجلة تراثنا
-نُشرت المقالة في الزميلة القبس – زاوية (كتاب وآراء) في 29 من أبريل عام 2017 م .