الحلقة الثانية
إنتقاءات من مجلة تراثنا
مغامرات استكشافية .. بريطانيون ثلاثة في صحراء الربع الخالي !
تراثنا – كتب عرفه عبده علي * :
كلما ازددت شغفاً بـأدب الرحلات ، ازددت قناعة بأن رحالة الغرب كانوا أكثر حرصاً على تلبية نداء الصحراء ، حيث الحياة المطلقة بين الرمال المتعددة الألوان ، والظلال والفضاء الممتد بلا حدود ، التي حركت مخيلات الشعراء والأدباء والرحالة و الفنانين والمغامرين !
-
الرحالة برترام توماس قام برحلة على ظهر 15 جملاً قاطعاً 600 ميل من قفار ووديان وكثبان رمال الربع الخالي .
-
ارتدى توماس الزي البدوي وتكلم باللهجة البدوية الدارجة وامتنع عن الدخان وشرب الكحول وعاش كما عاشوا.
-
رأي رجال توماس أول هلال قمر رمضان ، فأطلقوا العيارات النارية والصلاة ، وبعدها بدؤوا بالصيام طيلة أيام رمضان .
نوهنا في الحلقة الأولى الى تعيين الرحالة برترام توماس مستشاراً في مجلس وزراء عُمان ،ما اتاح له علاقات ودية مع سلطان البلاد تيمور، ومن ثم عقد صداقات وثيقة مع الشخصيات العربية في المنطقة ، حيث اصبح جل اهتمامه اجتياز الربع الخالي ممكناً كما اشرنا ، وفي الحلقة (الثانية) تواصل تراثنا ذكر استعدادات الرحالة توماس للسفر.
تحضيرات توماس
قام توماس بعدة رحلات تحضيرية قريبة على أطراف الربع الخالي كنوع من التدريبات العملية لما سيقوم به من رحلات أطول ، ففي شتاء 1927م ، قام برحلة على ظهور الجمال مداها 600 ميل ، عبر الحدود الجنوبية لعُمان المطلة على المحيط الهندي إلى ظفار .
وكان حريصاً على أن يرتدي الزي البدوي ، والتحدث باللهجة المحلية الدارجة ، ويعيش كما يعيش أهل المنطقة ، ويذكر أنه أمتنع عن شرب الكحول والتدخين ، في محاولة للتظاهر بالإلتزام بعادات أهل المنطقة !
وفي العاشر من ديسمبر عام 1930 بدأت مسيرة توماس ومعه قافلة مؤلفة من 15 جملاً ، متوجهاً شمالاً من ظفار ، ولم يكن أمامه تلك الصحراء الفسيحة فحسب ، بل كان ما يشغل باله مواقف البدو العدائية !
شدة وقلق وإرهاق
في العاشر من يناير عام 1931م ، تحركت تلك الجماعة الصغيرة شمالاً لقطع مسافة 400 ميل ، وفي بضعة أيام قطعوا منطقة دكاكا Dakaka واتجهوا إلى صويحب Suwaihib وهي منطقة من سلاسل الجبال المتوازية .
وقد استطاع دليلهم حمدان أن يرشدهم خلال تلك السلاسل بشكل صحيح ، ومرت تلك الأيام الصعبة وهم في أقصى حالة من الشدة والقلق ،وبدأ شعور الإرهاق يستولي على توماس ، خاصة مع ارتفاع الحرارة .
هلال رمضان
في مساء العشرين من يناير ، رأي رجال توماس أول هلال لقمر رمضان ، وقد حيوا القمر بإطلاق العيارات النارية والصلاة ، وبعدها بدؤوا بالصيام طيلة أيام رمضان ، مع أنه كان يحق لهم الإفطار بصفتهم مسافرين .
بعد مسيرة قصيرة خرجوا من منطقة السنام ذات الرمال الرخوة ، ودخلوا منطقة التلال القاسية الحمر ، حيث وجدوا بعض المراعي للجمال ، وقد خفت حدة الرياح لوجود التلال .
الماء العذب
وعند وصولهم إلى بئر بنايام بدأ الإشراق يسود وجوههم عند رؤية الماء العذب الوفير، وقد أناخوا الجمال هناك ، ومع أن توماس كان قد قضى عشر ساعات متواصلة مضنية على السرج ، إلا أنه شعر بالسعادة لأول مرة وهو يقول :” لقد أصبحت أراضي الربع الخالي القفرة وراءنا ، وكان البحر على بعد ثمانين ميلاً فقط إلى الشمال ، وبدا النجاح وشيكاً .
رؤية الخليج العربي
لقد أمضوا ثمانية عشر يوماً في مسيرتهم هذه خلال تلك الأراضي القفر التي قربتهم من النجاح والظفر في العشرين من فبراير ، وعندما وصل توماس إلى سفح تلك تدعى النخيلة (النخالة) ومن خلال أشعة الشمس الشتوية المشرقة استطاعوا رؤية ” جفورا ” بأشجارها وبيوتها وإلى الشرق فيما وراء المرتفعات الرميلة المنخضفة استطاعوا رؤية الخليج العربي .
عبور الربع الخالي
وفي الصباح التالي تحركوا بخطوات سريعة ، وكانت الجمال نشطة قوية تواقة للسير ، وكان البدو ينشدون الأناشيد ، كتب توماس :” أصبحت آخر التلال الرملية خلفنا ،و بعدها وصلنا إلى بئر نعيجة (Nuaija) حيث تزودنا بالماء لأول مرة ، وبعدها ظهرت أبراج الدوحة التي كانت تلقي بظلالها السود على مياه الخليج العربي ، وبعد نصف ساعة وصلنا إلى أسوار القلعة ، وهكذا انتهينا من عبور الربع الخالي “.
*كاتب وباحث مصري له مؤلفات وكتب عدة .
طالع الحلقة الأولى :
برترام توماس أول مستكشف لصحراء الربع الخالي يحكي قصة رحلته
يتبع لاحقا ..
أنقر
نقلاً عن تراثنا العدد 84
أنقر لتفاصيل العدد
تواصل مع تراثنا