1909 – 1999م
الطنطاوي شاهد على رجال عصره (الحلقة 5)
تراثنا – د . أحمد بكري عصلة * :
في كتابه (الطنطاوي شاهد على عصره ورجاله)، يسطر أ . د أحمد بكري عصلة – يرحمه الله – شهادة الشيخ علي الطنطاوي على شخوص عصره، وفي هذه الحلقة يتناول شهادته الشاعر السوري محمد البزم .
الطنطاوي عن البزم :
-
-
كان فصيح اللهجة وبيّْن الأسلوب ، تعرف ذلك من سلامه ومن كلامه ، لا يتكلم إلا باللغة العربية البليغة ويُعد أحد الشعراء الفحول الأربعة في دمشق .
-
هاجم استاذه الأديب سليم الجندي ونظم قصيدة قافيتها (الزاي المضمومة) في هجاء صديقه شفيق جبري، فشفعا له وأنقذاه من سجن المحتل الفرنسي !!
-
يصف د . أحمد بكري الشاعر محمد البزم بأنه أحد فحول شعراء الشام ، ممن لا يعرفهم القراء العرب ، عرفهم الشيخ علي الطنطاوي عن قرب ، وكانت له بهم صلات ود ،و علاقات فكرية، مكنته من الإتيان بشهادات تعد وثائق صادقة ،ومهمة للباحثين والأدباء ، قد لا يجدونها في ما كتب عنهم .
أحد أكبر شعراء الشام
وينقل عن الطنطاوي قوله في الشاعر البزم : ” الفحل ، الذي كان يعد يومئذ أحد شعراء دمشق الأربعة ، خير الدين الزركلي ، وخليل مردم ، وشفيق جبري .. لكن العجيب أنه لم يُعرف في غير سورية ، وقد كان أمثاله معروفين .
ولما نشر في “الرسالة – الكلام للطنطاوي – في أوائل الثلاثينيات من القرن العشرين وضع الزيات في رأس مقالته ،” للأديب محمد البزم ” مع أنه كان يكتب لي ، وأنا بمثابة تلميذ البزم ، للأستاذ فلان “.
بليغ الكلام
ويستطرد بالقول -” ولم نقرأ عليه ، لقد قرأ عليه من جاء بعدنا من التلاميذ ، فخبرونا أنه كان مدرساً نادر المثيل ، كان فصيح اللهجة ، بيَّن الأسلوب ، تعرف ذلك من سلامه ومن كلامه ، لا يتكلم الإ اللغة العربية البليغة “.
ذم استاذه وصديقه !
ويوضح د . بكري عصلة : لكنه من جهة أخرى ، أبرز بعض مثالبه وعيوبه ، فقد ألمه أن ينشر في مجلة “الميزان،” لصاحبها شاكر الكرمي ، مقالات يسخر فيها من الأدباء والشعراء ،و يجرحهم ، لا يكاد يسلم أحد من لسانه ، وتألم خاصة حين قال أستاذه سليم الجندي أنه ” يهدم للمعري قصراً فخماً ليقيم من أنقاضه كوخاً حقيراً ” ، فأخذته الحمية وكتب عنه قائلاً : “… أنه يعرف في النحو ما يجهله الناس ، ويجهل ما يعرفه الناس، وإن شعره جدار من الحجارة الصلد ، ولكنها مركومة ركماً ليس بينها ملاط !!
فغاظ هذا الكلام البزم وتوقف – كما يقول الطنطاوي – عن مهاجمة أستاذه الجندي . وحكى أنه هجا صديقه الشاعر شفيق جبري أيام الاحتلال الفرنسي ، بقصيدة رويها (قافيتها) حرف الزاي المضمومة ، لمزُ ، خزُ ، طنزُ ، عجزُ .. وفيها قوله :
ولو شئت سيرت القوافي في جحافلاً..
وأوقرت أسماعاً وكان لي الفوزُ!ّ
شفاعة أستاذه وصديقه له
وكانت دار المندوب أو المفوض السامي الفرنسي ، تراقب ما ينشر ، يساعدها في ذلك مراقب سوري مسيحي ضعيف العربية ، فلم يفهم معنى كلمة “حجافلاً ” فسأل من حوله ،فعرف أنها تعني الجيوش ، ” فكتب ان البزم يدعو لحشد الجيوش لحرب فرنسة ! فقبضوا عليه وبيتوه في السجن ، فما أنقذته إلا شفاعة الجندي وجبري !ّ
التعالي والتطاول
ويعلل الطنطاوي – يرحمه الله – تهجم البزم – يرحمه الله – على الأدباء الأحياء وعلماء النحو الأموات بأنه ” نشأ بعيداً عن العلم والأدب ثم اشتغل بهما بعد أن بلغ العشرين ، فكان يحس أنه دخيل عليهم ، غريب فيهم ، فيريد تثبيت منزلته بالحط منهم والتعالي عليهم !! “.
طالع الحلقة الرابعة :
الشيخ علي الطنطاوي شاهد على عصر فارس الخوري
طالع تراثنا – العدد 80
أنقر الغلاف لتفاصيل العدد
بتبع لاحقا ..