• Post published:28/01/2025

 

 

أكثرهم لا يعقلون

تكريم السفاحين ومرتكبي المجازر

 

عائلة تزور ذويها في مقبرة تضم رفات المقاتلين القدامي في أمريكا
عائلة تزور ذويها في مقبرة تضم رفات المقاتلين القدامي في أمريكا

 

تراثنا – د . محمد بن إبراهيم الشيباني * :

 

أجمل الكلمات التي قيلت في القتلة ، قول ذلك الحكيم : ” النهاية في المتحاربين بعد الانتصار على أحدهما بالقتل والإبادة شرف ونصر وظفر وأوسمة ومفاخر ” !

 

 

د . محمد بن إبراهيم الشيباني
د . محمد بن إبراهيم الشيباني

 

تسمع هنا وهناك بجمعيات المحاربين القدامي يلتقون كل سنة ، أو يدعون إلى احتفال ما ، أو قل تكريماً ، وتراهم يحضرون بكامل زينتهم ، واعني بذلك ، منهم قد رصوا أوسمتهم التي نالوها على صدورهم ، وقد تزيد ، فلا مكان لها على صدورهم ، فتراهم قد وضعوها على الاكتاف والبطون !

 

من هؤلاء المحاربون القدامي ؟ وهل كل محارب قديم نزيه ، شهم ، نظيف ، انساني في قتاله ؟! وهل دافعه في القتال عن حق ووطنية وشرف محاربة وقناعة في تلك الحروب ؟!

 

نياشين وأوسم عسكرية لا يتسع لها مكان على الصدر ولا الأكتاف
نياشين وأوسمة عسكرية لا يتسع لها مكان على الصدور ولا الأكتاف

أم هي القذارة التي تسمي “مدافعة” ، وهي انتهاك لكل الأخلاق والقيم الدينية والإنسانية ، حتى أنه إذا عاد بذكريات ومشاركته في تلك الحروب وافعاله ، لتقززت نفسه ، مما فعله من انتهاكات ، ولانتابه القرف والغضب من تدني انسانيته ، كيف كانت بهذه الانحطاط والإجرام ، عندما أباد بدم بارد النساء والاطفال والشيوخ ، ودمر وفجر كل بناء قائم ، من دور العبادة والعيادات والمشافي والمساكن الآمنة، هدها على رؤوس ساكنيها ، وكيف كان يقطع أصال المخالف له ،ويذبحه ذبح النعاج من الوريد إلى الوريد ؟!

 

المحاربون القدامي – إلا من رحم – إما متعصبون دينيون ،وإما مأجورون ، يلاحقون المادة في كل بقعة من العالم ،أي التأجير لارتكاب المجازر والجريمة ، يتلذذون برائحة الدماء ، فهي عندهم لا تزكم الأنوف، بل يعدونها  عطراً فواحاً من العطور التي يحبها الناس ،ويتجملون بها في أوقات الترف والزينة .

 

المحارب القديم ، لماذا كان يدافع عن الباطل والزور والظلم ،وبعضهم عملاء وخونة حتى النخاع ؟

 

المحارب القديم المحظوظ منهم ، أو قل السعيد من يبكي على خطيئته من سوء أفعاله ، وكبائر اعماله ما تبقى من حياته ، وقد نقلت الانباء والأخبار وشاشات التلفاز ، ندم كثير ممن ارتكبوا مجازر جماعيه لشعوب عدة ، في فيتنام وكوريا وغيرها ، ومنهم الذين القوا القنابل الذرية على هيروشيما ونجازاكي في اليابان ، يبكون  لفظاعة ما ارتكبتهم ايديهم .

 

وبعض هؤلاء المحاربون القدامي النادمون يلجأون للتكفير عن فعلهم ، بانشاء مستشفيات علاجية من أثار الحروب ، او ينذر عمره للدعوة إلى السلم ومنع الحروب ونزع السلاح النووي والكيماوي وما شابه .

 

 

تدمير 90 بالمئة من البنة التحتية في غزة وتشريد الأهالي وقت ل نحو 50 ألف شهيد
تدمير 90 بالمئة من البنية التحتية في غزة وتشريد الأهالي وقت..ل نحو 50 ألف شهيد

 

المحارب القديم ، كان يعاقر المسكرات وقت تعذيب الاسرى ، ويغتصبهم وبناتهم وزوجاتهم أمام ناظريهم ، وكأنه في عالم غير عالمه ، مغيب عن واقع ما يرتكبه ، من التلذذ اللا إنساني ، فالقوة حرمتهم العقل .

 

معظمهم مجرمون قتلة ، سفاحون لا إنسانية لديهم ولا ضمير ، وما أجمل قول الحكيم حين اختتم بها مقالته :” جشع المخلوق الغريب في سبيل الحكم والتسلط وغرور هذا الإنسان كله إلى .. التراب “.

 

والله المستعان ..

 

*رئيس مركز المخطوطات والتراث والوثائق ومجلة تراثنا

 

 

تواصل مع تراثنا

اترك تعليقاً