حديث التاريخ من الكتب – الحلقة (5)
كتاب : على طريق الهند – رسائل الأهالي
تراثنا – د . محمد بن إبراهيم الشيباني *:
التاريخ لا يحابي أحداً ، فما غاب عنا لم يغب عن غيرنا ، وما لم نعرفه اليوم سنعرفه في الغد ، ولن يستطيع أحد أن يستر الحقيقة ، أو يخفيها ، ولا سيما اليوم في عصر التقنية الجديدة المتجددة المرعبة .
هذه الرسالة تحكي متابعة في الكتب والأوراق المبعثرة والوثائق وغيرها عن تاريخ الكويت وحكامها ورجالاتها من الذين كان لهم دورهم في نهضتها وعمرانها ، دللت فيه على مكانها مع ذكر عناوين مادتها وموضوعها .
أرجو أن يكون معيناً للدارسين والباحثين في هذا الشأن .
-
الإنكليز يستغلون ديون الدولة العثمانية لفرض تسوية تقتضي السيطرة على منابع النفط وإضعاف سيطرتها .
-
الحكومة العثمانية تقر لبريطانية بالسيادة الإسمية على الكويت وعدم التدخل بشؤونها أو بالمعاهدات المبرمة معها.
تناولنا في الحلقة السابقة(الرابعة) أن الكويت كانت إحدى الخيارات المفضلة لدى الإنكليز لمرور خط سكة حديد بغداد لتوطيد نفوذهم في المنطقة، وفي هذا السبيل أقنع الكولونيل ميد الشيخ مبارك الصباح بعدم عقد أي اتفاقيه مع أي جهة دون موافقتهم، لسد الباب على المنافسة الألمانية ، وروجوا لفكرة تجزئة سكة حديد بغداد ليتسنى للحكومة الإنكليزية عبر شركة تابعة لها إنشاء خط يمتد بالعراق للسيطرة عليه ، وكان ذلك مصدر قلق الصدر الأعظم .
ويستطرد مؤلف كتاب (على طريق الهند -رسائل الأهالي) إبراهيم عبدالفتاح – يرحمه الله ، قائلا : وأعلم السر أدوارد كري السير هنري بابينكين سمث ، ممثل بريطانية في هيأة الديون العثمانية بضرورة حصول بريطانية على ما لا يقل عن 55% من عدد الأسهم في القسم الممتد بين البصرة وبغداد ، وعلى امتياز إنشاء الميناء في الكويت ص135.
الديون ولوي ذراع الدولة العثمانية
ومضى موضحاً : في مارس سنة 1913م ، تم الاتفاق بين حقي باشا ووزارة الخارجية البريطانية على تسوية المشاكل المعلقة بين الحكومتين الإنكليزية والعثمانية كقضية ديون انكلترة على الدولة العثمانية وحق السلطان في منع الحكومة المصرية من عقد القروض ، وتعيين الحدود العثمانية الإيرانية ، ولاسيما ما يتعلق منها بمنطقة النفط وقضية الملاحة في دجلة والفرات وشط العرب ،ومشاريع الري في العراق ووضع الكويت .
الاتفاقية البريطانية مع الدولة العثمانية
وعقدت الاتفاقيات التي تناولت جميع هذه الشؤون في 29 من يونيو(حزيران) و21 من (تشرين الأول) ديسمبر من السنة 1913 م ، وفي أوائل (حزيران) يونيو سنة 1914م ، ومما جاء في هذه الاتفاقية :
1- اعتراف الحكومة العثمانية بما لبريطانية من المقام الخاص في الخليج العربي (1)،و اعتراف بريطانية بسيادة السلطات الأسمية في الكويت على أن تتعهد الحكومة العثمانية أن لا تتدخل بشؤون شيخ الكويت ، وأن تعترف بجميع المعاهدات المعقودة بينه وبين بريطانية ،وفي جملتها المعاهدة التي اعترف الشيخ (مبارك) فيها بالحماية البريطانية .ص( 141-142).
توطيد النفوذ البريطاني في الخليج
وكانت بريطانية قبيل القرن العشرين قد وطدت نفوذها في الكويت والمحمرة وفي سواحل الخليج العربية ، فرأت في عبدالعزيز ابن عبدالرحمن بن فيصل السعود خير من يستطيع القيام بهذه المهمة ، وكان قد التجأ هو وأبوه إلى الكويت بعد استيلاء ابن رشيد على الرياض ، فاتصل بالإنكليز فيها ودرس قواعد التعامل معهم على مبارك الصباح شيخ الكويت الذي اختاره الإنكليز ونصبوه أميراً على الكويت ، فبقي يخدم مصالحهم حتى توفى في (تشرين الثاني) نوفمبر 1915م .
*رئيس مركز المخطوطات والتراث والوثائق ومجلة تراثنا
يتبع لاحقا ..
هامش:
1- الأصل الخليج الفارسي .
طالع الحلقة الرابعة :
بريطانية تتصدى لطموحات ألمانية وتبرم إتفاقية حماية مع الكويت
نقلا عن تراثنا العدد 86
تواصل مع تراثنا