• Post published:13/05/2024

مساحة رأي 

 

الضحك على المصائب والبلاء
ثقافة الضحك على المصائب والبلاء

 

تراثنا – د . محمد بن إبراهيم الشيباني * :

 

الحياة العربية منذ قديم الدهر تتشابه في كثير من حالاتها الاجتماعية ، وتتكرر من بلد إلى آخر ،وينقل لنا الأديب أحمد ضيف (يرحمه الله) في بحوثه ودراساته في (الأدب المصري في القرن التاسع عشر) قوله : ” ولقد قيض الله لهذا البلد بعض الأدباء الذين ساعدوا على نشر الأدب المصري بالتعبير عن آراء العامة ، وتصوير الاجتماع المصري في أزجال شعرية أو أحاديث نثرية ، فنقلوا لنا تلك النفوس وما كانت عليه ..”.

 

د . محمد بن إبراهيم الشيباني - رئيس مركز المخطوطات والتراث والوثائق ومجلة تراثنا
د . محمد الشيباني 

 

وقال : ” كان الناس متأثرين بأحوال سياسية بعضها كان عالقاً بالنفوس ، من العصر الاستبدادي والاستسلام إلى القضاء والاستهانة بأهوال الحياة وتحمل الظلم على أنه قضاء من الله والتسلي عن الآلام بالتهكم والسخرية من الحياة والناس بأحوالهم ، و الرضا بما يناله الإنسان في عيشه حتى أصبحت هذه الصفات كأنها عامة في المصريين ..”.

التنكيت والتبكيت 

 

أحمد تيمور باشا - يرحمه الله
أحمد تيمور باشا

“التنكيب والتبكيت ” وسيلة من الوسائل الترويحية التي تطرد الأثقال عن النفوس ،ولذلك اشتهر عن الشعب المصري النكتة المضحكة والمبكية في آن واحد ، وما أكثر النكات التي تحولت إلى أمثال في العالم العربي ،تطلقها الناس في كل مناسبة وُحدت ، مثل ” بيت الظالم خراب ” ، و ” الكلب كلب ولو طوقته من ذهب “، و” الله يحلل الحجاج عن ولده” ، وقالوا في الفقير ” هذا يصده وهذا يرده “، وقالوا في الحياة “ما كالها طيرة وموقعه” !

 

وفي الأمثلة الكويتية ما هو موجود شبيهها في بقية الدول العربية ، وبلهجاتها المحلية ، وقد ألف العلامة أحمد تيمور باشا- يرحمه الله – في هذا مصنفاً أسماه “الأمثال العامية” ، ومما أورده في كتابه من أمثال ، ” آخر الزمر طيط ” أي لا ينتج نتيجة نافعة كالزمر ، فإن آخره ذلك الصوت يقول “طيط” يذهب في الريح ، كما قال الأديب الظريف محمد عثمان – يرحمه الله  :

 

راجي المحال عبيط وأخر الزمر طيط  

 

وقولهم ” الإبرة اللي فيها خيطين ما تيخطش” ، لأن الإبرة  كما قال تيمور ” دقيقة لا تدخل في الثوب إلا خيطاً واحداً ، والأمر   المعلق على أثنين لا يتم ، لأنهما قد يختلفان ، ومنه قولهم ” المركب اللي لها ريسين تغرق “.

 

صحافة مصرية
صحافة مصرية

 

هكذا الأمثال مثل التنكيت والتبكيت ، والسخرية والتهكم ، في محاولة لإيصالها إلى من هم في البروج العالية ، ولا يهتمون بأمر العامة من الذين هم في القاع ، أو من هم بين بين .

 

حسناً تفعل بعض الصحف اليوم ، حين ينزل محرروها إلى العامة يسألونهم ، أو يستفتونهم في واقع الناس وحاجاتهم أو التعليق على بعض القضايا التي تهمهم ، ففي الماضي لم يكن للصحافة دور ، كما هي اليوم إذ أن أغلبها كانت صحافة سلاطين على عكس اليوم ، ولا يعني ذلك أن تبرئه بعض الصحف من هذا الداء .

 

والله المستعان ..

 

* رئيس مركز المخطوطات والتراث والوثائق ومجلة تراثنا 

 

 

 تواصل مع تراثنا 

 

 

اترك تعليقاً