عندما يصبح استلال احداث الماضي الوسيلة الوحيدة للإسقاط على الحاضر..!
تراثنا – التحرير : أمام صعوبة النطق بالكلمات ، في حقل لا تجد القدم موطأ لها من كثرة الألغام والاتهامات الجاهزة التعليب، فلا محيص من اللجوء الى التاريخ ، لإسقاط ما فيه على الحاضر، ولتكون عبرة وذكرى لمن شاء أن يتذكر ..وهذا ما فعله رئيس التحرير د. محمد الشيباني في مقاله هذا (*) .
• د.صروف ردا على ارسلان : ما أصغر رجال السياسة في عيني وهم أحقر من أن ادافع عنهم !
• مسرح كبير يُباد فيه البشر بالأسلحة المتنوعة ولا حرمة في استخدامها طالما من يعد التقرير ليس على ملتك ولا جلدتك.
• اصبح البحر مسرحا ومأوى للغرقى الفارين من ديارهم وطوابير النازحين السائرين إلى حيث المجهول!
• لماذا اصبحت صناعة الموت مألوفة ولا تحرك في النفس ساكناً عند معظم السياسيين ؟
ارسل الاديب الكبير أمير البيان شكيب أرسلان إلى صديقه د . يعقوب صروف رسالة يقول فيها : ” نعم قد كان في الخير والبعد عن الشر أمة وحده ، كنت قد ذكرت له تصرف الدول التي تزعم أنها حاميات الحق والعدل ، فيما نكثت به من مواعيدها للعرب وما أظهرت من الجشع والطمع بسلب حقوقهم واحتلال بلدانها بعد الحرب الكبرى ” .
فأجابني أجزل الله ثوابه عن ذلك بما يأتي قال : ” أما رجال السياسة الذين أشرتم إليهم ، فقد رأيت منهم بعد الحرب ما أصغرهم في عيني ، وجعلهم أحقر من أن أدافع عنهم ، ومن أكبرهم إلى أصغرهم ، أبقاني الله وإياكم داخل سياج العلم ,اطال الله بقاءكم ” .
نعم ، هذا ما أردده كثير في مقالاتي إلى متي؟ لقد تقززت نفس العربي وقرف من إنسانيته ، وهو يشاهد المآسي من حوله ، حيث البشاعة في أكمل صورها ، ورائحة المنية تزكم الأنوف .
مسرح كبير يشاهد المليارات من البشر ممثليه ، وهم يقومون بالقتل والإبادة للصغار والكبار والنساء والرجال ، وبالأسلحة المتنوعة كافة .
لاحرمة في استخدامها طالما الذي يكشف عنها ويعطي تقريره فيها هو من غير دينك وجلدتك ، مسرح لا حد للممثلين فيه ولا لفصوله أو قصصه ورواياته ، تشاهد فوق القتل ، السجون المفتوحة أكثر من المغلقة .
والتعذيب بأشكاله المتعددة التي لم تخطر على بشر ولا عين رأت مثلها أو أذن وصل إلى مسامعها ، ترى في هذا المسرح البحر ، حيث الغرقى والناجون من النازحين إلى الديار الأخرى ، وتشاهد في هذا الفصل طوابير النازحين وهم بالمئات في مكان ، بالألوف في أماكن أخرى ،وهم سائرون إلى نهاية أو لا نهاية .
هذه هي الحضارة اليوم بصورها كافة ، وبالحجم الكبير ، مادية بحته ، وبشعة حتى النخاع ، وجشع وطمع في سبيل التسلط والحكم ” ما أصغرهم في عبني وجعلهم أحقر من أن ادافع عنهم من أكبرهم إلى أصغرهم ” هذه كلمات د. صروف وهل يستحق الاستعمار اليوم والساسة الذين يعينونه على بغيه وعدوانه غير التصغير والتحقير لما يفعله بالإنسان الأعزل البائس الضعيف ؟ إلى أين سيؤدي به غروره هذا ؟ أليس هومن التراب وإلى التراب سيعود ؟
لماذا أصبحت صناعة الموت على البشر لا تحرك فيهم ساكناً ، أو رحمة أو رأفة ؟؟ لقد جعلوها مألوفة طبيعية عند معظم السياسيين ، بل ومعهم البشرية جمعاء ، الذين تمثلهم دولهم وهم كثير في الأمم المتحدة نفسه .
لماذا لا يكون لهم دور وإحساس إنساني وضغط ؟ بل أمين الامم المتحدة نفسه أين دوره من قضايانا العربية ، وما يفعله فوق كل ذلك المحتل الإسرائيلي في شعبنا هناك ؟
لقد تاه فكرنا ، وشرد خيالنا ، وزادت أحزاننا ، وتوسع حيز مصابنا .
والله المستعان …
• كلمات
( إن اوربة سائرة مختارة أو غير مختارة إلى ابتلاع مرافق الشرق، متي زالت مرافقه من يد ابنائه أمسوا عبيداً ، فمصيره إلى الخراب إن لم يتيقظ رجاله ويغضوا عن كثير مما يفرق بينهم (1925م – د يعقوب صروف ) .
د . محمد بن أبراهيم الشيباني
رئيس التحرير
*نشرته صحيفة القبس الكويتية الصادرة بتاريخ 14من نوفمبر 2015
تواصل معنا
زيارة الصفحة الرئيسة ( تراثنا ) – حساب ( تراثنا ) على منصة تويتر – حساب ( المخطوطات ) على منصة انستغرام – مجلة ( تراثنا ) الورقية – الموقع الالكتروني لمركز المخطوطات والتراث والوثائق
• لا تتوفر تراثنا حاليا في الاسواق وإنما عن طريق الاشتراك ..
التعقيبات والمساهمات ضمن بريد القراء ادناه
هواتف المركز : 25320902- 25320900/ 965 +