أبناء الإمارات سجلوا أعلى درجات التعاون والوعي المجتمعي
تراثنا – التحرير :
نشرت الزميلة (البيان ) الإماراتية تقرير كتبه الزميل وائل نعيم ( دبي) ، يظهر أول حالة حجر صحي تم توثقيها في دبي عام 1962م ، وتقوم تراثنا بنشر التقرير لنقل تجربة الأخوة في دولة الأمارات من قبيل توثيق تجارب الأخوة في دول مجلس التعاون الخليجي التاريخية للأوبئة ، في اطار مقاومة دولها وشعوبها وباء كورونا المستجد ، حيث جاء فيه :
أظهر العدد السابع من الجريدة الرسمية لحكومة دبي الصادر في 1 أبريل 1962 أن أول حالة تم توثيقها للحجر الصحي في إمارة دبي، والتي تمت بنجاح، كانت في عام 1962، وتم تجاوزها بروح التعاون والوعي المجتمعي بين أبناء الإمارة والسلطات المختصة حفاظاً على سلامة ووقاية المجتمع.
وبحسب العدد السابع من الجريدة الرسمية لحكومة دبي فإن اكتشاف أول حالة كان لامرأة مصابة بمرض الجدري، حيث انتشرت موجة من الفزع آنذاك؛ نظراً لأن هذا المرض لم تشهده الإمارة لسنوات طويلة، وأبلغت بلدية دبي مستشفى آل مكتوم بأن سيدة «آسيوية» انتقلت إليها العدوى من نسوة كن يترددن عليها في بيتها وفقاً لتقرير المستشفى، وعلى الفور قامت البلدية بتجنيد كافة إمكانياتها بالتعاون مع الجهات الصحية لمحاربة هذا المرض وحصره والحيلولة دون انتشاره، بغية الحفاظ على الصحة العامة وسلامة السكان، وتم نقل المرأة المصابة بناء على أمر الطبيب و4 أشخاص آخرين من ذويها إلى معسكر مؤقت أعد بصورة مستعجلة في مكان بعيد عن المناطق المأهولة خارج منطقة ديرة، وتم تجهيز كل ما يحتاجون إليه من مأكل ومشرب.
وقامت بلدية دبي في اليوم التالي بإبلاغ السكان بوجوب أخذ التطعيم للوقاية من الإصابة بالمرض قبل انتشاره، من خلال مكبرات للصوت نصبت على سيارة جابت الطرق والحارات في أنحاء الإمارة، وعقد مجلس البلدية جلسة طارئة وبحث الموضوع وتمت مطالبة المستشفى بتوزيع الأطباء على مراكز التطعيم التي أعدت في أماكن متفرقة، وسارع السكان إلى أخذ التطعيم، وعكس المشهد روح التعاون والوعي بين المواطنين، إيماناً منهم بخطورة انتشار المرض والخسائر الفادحة التي يمكن أن يسببها انتشاره إذا تم الاستهتار بالأمر.
تفتيش المنازل
وأصرت بلدية دبي على محاربة المرض وقامت بتفتيش المنازل للتأكد من عدم إصابة أي شخص من المرض ومحاولة ذويه إخفاء ذلك وأسفر التفتيش عن وجود 10 مصابين بالمرض من رجال ونساء وأطفال، وتم نقلهم وآخرين من ذويهم إلى المعسكر بعد أن تمت توسعته ليستوعب المرضى الجدد، وإعداد معسكر آخر لذويهم الذين دعت المصلحة العامة احتجازهم صحياً وفق تعليمات الطبيب.
وفيما بعد تبين أن عدداً من الآسيويين وغيرهم الذين يقطنون في صندقة خاصة قرب “المربعة” الواقعة على البحر غربي فريج المرر، وكان عددهم يربو على 450 شخصاً كانت تربطهم صلة قرابة بالمرضى، وكانوا يخالطونهم ويسكنون بالقرب منهم، الأمر الذي دعا إلى وجوب حجزهم ومنعهم من مخالطة السكان والاحتكاك بهم خوفاً من أن ينقلوا العدوى لهم.
تعاون مثمر
وبالطبع فإن هذا العدد الكبير كان يحتاج إلى الطعام والشراب خلال فترة الحجر الصحي فتكفلت البلدية بهذه المهمة، وعقد مجلسها آنذاك جلسة طارئة، أسفرت عن إجماع على عدم قدرة البلدية على صرف هذه المبالغ الطائلة التي من الممكن أن تتسبب في وقف مشاريعها العامة، فتمت إثارة موضوع التبرعات، وعلى الفور لبى مواطنو الإمارة هذا النداء الإنساني، ومدوا يد العون للآخرين، وهذا ديدن أبناء زايد في المواقف الإنسانية.
وتم تشكيل لجنة تبرعات من مجلس البلدية لجمع التبرعات، واتخذ المجلس قراراً ببناء محجر صحي في مكان بعيد عن المناطق السكنية وتجهيزه وتوفير كافة المعدات اللازمة ليكون معداً بشكل كامل للطوارئ، واستقبال أي مريض مصاب بمرض معدٍ يخشى انتقاله للآخرين ويعرض صحتهم للخطر، وقرر المجلس أن تقوم البلدية بمعاينة المكان وعرضه على الطبيب للموافقة على الموقع ثم الشروع في البناء بأسرع وقت.
وبحسب الوثيقة فإن بلدية دبي استمرت بالصرف على المرضى والعناية بهم حتى انتهاء المدة اللازمة للحجر الصحي، وما عزز نجاح هذه الجهود هو وقوف المواطنين على قلب رجل واحد مع الجهات المختصة في محاربة انتشار المرض.
الزميلة البيان