خفايا تاريخية بين سطور الكتب
تراثنا – د . محمد بن إبراهيم الشيباني * :
الغارات التي يشنها الفرس على البصرة قديمة جدا ، ذكرها الرحالة والمعتمدون السياسيون والتجار من الذين يجوبون هذه المنطقة .
الرحالة بارسونز
-
نساء البصرة ألقوا على رجال الوكالة الإنكليزية الطوب والأحجار ليلاً من فوق سطوح منازلهن ظناً بأنهم فرس !
-
لم تكن القرين (الكويت) التابعة للخوالد آنذاك خاضعة عسكرياً لسلطة الدولة العثمانية بل ولائهم لأنفسهم .
يذكر الرحالة أبراهام بارسونز الاسكتلندي في رحلته من حلب إلى الخليج العربي (1774 – 1775م) أنه في يوم الأحد 9 من أبريل هجم الفرس على البصرة ليلاً ، يقول : تم إيقاظنا من النوم ،وأبلغنا أن الفرس انقضوا على الأسوار وتسلقوها من خمسة أماكن مختلفة مع أن الظلام حالكاً “.
وفيما ذكره أن البصرة كان لها أسوار عالية ، يقول : “إن الوكيل وكل رجال الوكالة نهضوا على الفور ، وبذلوا كل ما بوسعهم للتوجه نحو مصب الشط ، وهناك يقول ونحن في طريقنا كانت النساء يلقين الطوب والأحجار علينا من سطوح المنازل ، وكلمناهن بالعربية أن يكففن عن ذلك ، وأظهرنا أننا إنكليز وليس فرساً ، وكان الرد : كذابون ، أنتم عجم بملابس إنكليز ” !!
هذه الحقيقة التاريخية لأصالة أهل البصرة العربية ، تمثلت في جهاد رجالها بالسلاح ونساءها بالحجارة عندما ضربن الإنكليز ظناً منهن انهم فرس !
هذه الحوادث جرت أيام هيمنة الدولة العثمانية العليا على العراق والشام وسائر الأوطان والديار العربية وغيرها ، وتواطؤ متسلم البصرة الشيخ عبدالله مع حاكم بلاد فارس كريم خان الزند (50 – 1779م) .
في هذا الوقت ، وفي الجانب الآخر وهي القرين (الكويت) ، ذكر الرحالة إبراهام في (ص 150) ، قائلا : ” وعند الساعة الواحدة بعد الظهر توقف اسطولنا حينما صدرت الأوامر بإصلاح مراكب الباشا (الشيخ عبدالله) عند (القرين) ،و هي مدينة وميناء على الجانب العربي من الخليج ، مستقلة عن البصرة ، تبعد عن البر نحو ستين ميلاً إنكليزياً .
وفي هذا دلالة على أن دولة الخوالد الممتدة من الأحساء إلى أم قصر ليست خاضعة عسكرياً للدولة العثمانية ، وإنما كان ولاؤها معها.
ومعلوم بأن الخوالد في هذا التاريخ (1774 – 75 م) هي السنة التي زار فيها إبراهام المنطقة حيث تسلم العتوب فيها الحكم قبل تلاث وعشرين سنة (1752م) بالاتفاق مع الخوالد ، الذين تركوا للعتوب حكم الكويت أيام سليمان بن محمد آل حميد ( 1736 – 1752م) وهذه السنة (75 – 1774م) كان أميرها الشيخ عبدالله (الأول) بن صباح العتبي ، وكانت فترة حكمه من (1762 – 1813م).
هذه معلومات مستفادة من هذه الرحلة وحوادثها، وحنانيك هكذا يكتب التاريخ بحوادثه ، وما سطره الرحالة والمبعوثون إلى هذه الديار .
وما خفي في الماضي على الأوائل ممن كتبوا تاريخ الكويت أو البصرة أو الدول الأخرى ظهر ومازال يظهر ، عندما تُترجم لنا هذه الرحلات والسجلات ،وعندما يعثر المختصون على المجلات الدورية وغيرها التي دونت المراحل الماضية بمعجرها وبجرها .
والله المستعان ..
سور البصرة
المعلوم في كتب التاريخ أن أول من سوّر البصرة هو الخليفة الراشد الرابع على بن أبي طالب رضي الله عنه ، واستمر والأمر بعد ذلك إلى التاريخ الذي ذكره إبراهام بارسونز .
*رئيس مركز المخطوطات والتراث والوثائق ومجلة تراثنا
تواصل مع تراثنا