الحلقة الرابعة
تراثنا – أ . د أحمد بكري “يرحمه الله “ :
ينظر جل الإسلاميين إلى الدولة العثمانية نظرة تقدير، ويشهدون لها بالرفعة والقوة والمحافظة على الإسلام، وبدور كبير في حياة العرب والمسلمين، يتمثل في محافظتها على «الخلافة الإسلامية» خاصة. لذا حين أسقط أتاتورك وحزبه الخلافة، شعروا بالخسران المبين، واستهجنوا هذا العمل، ورأوا فيه نهاية لتركية.
-
الطنطاوي ساخراً : اسمها جمعية الترقي ،وهي سبب التدني ،كنا الأقوى في الأرض ،فصرنا بهم دويلات لا وزن لها ،يحكمها من غير أبنائها بقوانينهم لا بشريعتها !
والطنطاوي- يرحمه الله ، على الرغم من نقده المنطقي لبعض أخطائهم ، لم يخرج عن هذا المنحى، فقد كتب غير مرة إلى فشل جمعية الاتحاد والترقي، وشهد لها بسوء النية والطوية والعمل، لأنها «لما خاضت بحماقتها وجهلها، وخبث سرائرها، وقبح نياتها، حرباً لا ناقة لها فيها ولا جمل ولا شاة .. فانتهت بها وبنا جميعاً إلى الضياع».
ويسخر من اسمها: «واسمها جمعية الترقي، هي التي سببت لنا التدني؛ فبعد أن كانت الدولة على عهد السلاطين العظام أقوى دول الأرض، صارت بهم دويلات لا وزن لها، يحكمها حكام من غير أبنائها بقوانينهم لا بشريعتها..».
طالع الحلقة الثالثة :
ولعل أبرز هؤلاء السلاطين العظام السلطان عبدالحميد- يرحمه الله، الذي لا يختلف اثنان على قوته وحكمته وإخلاصه، فقد «كان رجلاً حقاً، استطاع بدولة هرمة، وجيش هزيل أن يحجز دول أوروبة عن بلاده، وكان يضرب، بدهائه، بعضها ببعض. كان رحلاً يلعب بالرجال، فلما جاء صبيان الاتحاديين، وأمسكوا هم الزمام، لعبت بهم الرجال وأشباه الرجال!».
هذه هي جملة شهادة الطنطاوي في هذا المجال، وهي شهادة معروفة مألوفة من كل رجل متدين عرف الحكم العثماني عن بعد، لذا خلت أحاديثه عنها وعنه من كل فكرة أو معلومة جديدة كعهدنا به في الحديث عمن يعرفهم من رجال العصر عن قرب وتماس واختلاط. إذاً هي مواقف مشتركة مع غيره من كثير من العرب، ولكنها تظل شهادة منه تدل على موقفه ونظرته.
كاتب وكتاب
منتقى من كتاب ( كتاب ( الطنطاوي شاهد على عصره ورجاله ) ،لمؤلفه أ . د أحمد بكري عصلة ” يرحمه الله ” منشورات مركز المخطوطات والتراث والوثائق .