الحلقة الثالثة
من التراث الاقتصادي الإسلامي
تراثنا – محمد بن إبراهيم الشيباني * :
وقع اختياري على صفحات منتقاة من مؤلفات العلامة عمر رضا كحالة – رحمه الله – من كتاب (مباحث اجتماعية في عالمي العرب والإسلام)، وهي الصفحات من (109 -119) حيث توسع في بعض الخفايا العلمية النادرة في العلوم المتنوعة ، وبالأخص منها المعنية بتاريخ (النقود) .
يذكر أننا في مركزنا (مركز المخطوطات والتراث والوثائق – الكويت) نعني بمثل هذه البحوث، لا سيما أننا نملك نقود أصلية تعود إلى عصور الإسلام الأولى ، كالأموي والعباسي والمملوكي وغيرها ، ناهيك عن النقود ما قبل الإسلام والحضارات غير العربية ، كما لنا مشاركات في كثير من المزادات التي تعني بها ، ولنا متابعة عن كثب لما يباع منها ،وينشر من مجلات ومؤلفات وغيرها .
وفي الحلقة الثالثة نتابع ما كتبه العلامة كحالة عن النقود في العهود الإسلامية المختلفة تباعاً :
اختفاء الدينار
وأما في أنحاء آسية الشرقية ، فالحق يُقال إن الدينار لم يكن له قط مقام ثابت في هذه الأنحاء ، فقد اختفى من الهند في عهد ناصر الدين محمود (1246 – 1266م) ، الذي أدخل في تلك البلاد العملة الذهبية الوطنية المعروفة ، باسم ” تنكه” ،وجعلها العملة الرسمية
الدرهم الساساني
وعرف العرب قبل الإسلام أيضا الدرهم الساساني ، وفي سنة 18 هجري ضرب عمر بن الخطاب – رضي الله عنه – الدراهم ، على نقش الكسروية ،سكلها باعيانها ، غير أنه زاد في بعضها “الحمدلله ” ، وفي بعضها “رسول الله” وعلى الآخر “لا إله إلا الله وحده ” ، وعلى أخر ” عمر ” والصورة صورة الملك ، لا صورة عمر(1) ، وجعل وزن كل عشرة دراهم ستة مثاقيل ، ولما بُويع عثمان بن عفان – رضي الله عنه – ضرب دراهم ونقشها “الله أكبر”.
دراهم معاوية
فلما اجتمع الأمر لمعاوية بن إبي سفيان – رضي الله عنه – وجمع لزياد بن أبيه الكوفة والبصرة ، ضرب معاوية السود الناقصة من ستة دوانيق ، وضرب منها زياد ، وجعل وزن عشرة دراهم سبعة مثاقيل ، فكانت تجري مجرى الدراهم ،ولما قام عبدالله بن الزبير بمكة ، ضرب دارهم مدورة ، فكان أول من ضرب الدراهم المستديرة ، ونقش بأحد الوجهين “محمد رسول الله ” ، وبالآخر “أمر الله بالوفاء والعدل” .
دراهم مصعب بن الزبير
وضرب أخوه مصعب بن الزبير – رضي الله عنه – دراهم بالعراق ، وجعل لكل عشرة دراهم سبعة مثاقيل ، وأعطاها الناس في العطاء ، حتى قدم الحجاج بن يوسف العراق فغيرها .
الدولة الأموية (الدراهم السود)
ولما استوثق الأمر لعبدالملك بن مروان ، فحص عن النقود ،وضرب الدراهم سنة ست وسبعين من الهجرة ، وكتب إلى الحجاج بالعراق أن أضربها قبلك ، فضرب الحجاج الدارهم ونقش فيها “قل هو الله أحد” ، وكتب في الطوق الواحد ، ضُرب هذا الدرهم الدرهم بمدينة كذا ، وفي الطوق الآخر ” محمد رسول الله الذي أرسله بالهدى ودين الحق ليظهره على الدين كله ولو كره المشركون “.
يتبع لاحقا ..
*رئيس مركز المخطوطات والتراث والوثائق ومجلة تراثنا
هامش
1-المقريزي : إعاثة الإمة 52 .
نقلا عن تراثنا – العدد 91
تواصل مع تراثنا