شخصية وسيرتها
أدباء ومفكرون عرب
تراثنا – التحرير :
عرف التاريخ رجالا عشقوا العلم ، وتفانوا في خدمته ، يحفزهم إلى ذلك حب العلم ، والهوى فيه، والإخلاص لعقيدته تحميه .
من هؤلاء الرجال رجل عرف التراث معرفة الحب بحبيبه ، فهام به ، فأخذ التراث عليه كل مأخذ ، وسد عليه أبواب الحياة ألا باب الأدب وخدمة إبداعات القدماء وإحيائها ، أنه الدكتور محمد سامي الدهان .
-
شق الدهان طريقه لحب الأدب وعلوم التراث من قراءة القرآن في الكتاتيب منطلقاً من وسط عائلة ثرية ذات تقاليد عريقة لا تابه بالعلم والأدب !
-
في مرحلة مبكرة من حياته اصدر كتابين (أصول التدريس) و(نصوص وأساليب) وحاول تأسيس رابطة أدبية لم يكتب لها النجاح .
-
الحكومة الفرنسية أسندت إليه العمل بجمع جثث القتلى أثناء الحرب ، مما جعله يفضل العودة إلى حلب فأصدر كتابه (أبو فراس الحمداني) ونال الدكتوراه !
أسرة لا تأبه للأدب !
هكذا ما سطره ا د . أحمد بكري عصلة في مقدمة كتبها في مجلة تراثنا في مقدمة تعريفية للدكتور الدهان – يرحمهما الله – نقتطف جوانب منها للقارئ والباحث في التراث والتاريخ .
وُلد محمد سامي الدهان في الرابع من نيسان (ابريل) 1912م بمدينة الشام ، لأب تاجر ، وأسرة ذات تقاليد عريقة ، ولكنها لا تهتم للعلم ، ولا تأبه لأمر الأدب والتراث ، وإنما هما استقبال التجار وإقامة الولائم للتعرف بالتجارة ، ولم تهمل حث أبنائها على العلم .
فكان أن الحق سامي الصغير بإحدى الكتاتيب المنتشرة في حيه القديم القريب من باب النصر ، حيث استطاع أن يستظهر سورا كثيرة من القرآن الكريم ، أهلته لدخول المدرسة الفاروقية ، ابتدائية – ثانوية ، وفيها أحاد الفرنسية والتركية والانجليزية .، ومارس النشاط المسرحي والكتابة الأدبية في مجلة المدرسة ، فخرج من ذلك بحب للعمل الأدبي والكتابة والأبداع .
و يشير د . بكري أنه بعد انتقال الدهان للمدرسة الثانوية السلطانية الوحيدة في حلب آنذاك ، وكانت تعني بالفرنسية بحكم وجود الفرنسيين ، فقويت لغته الفرنسية ، فبدأ يترجم الشعر والمقالات ، وينشر ما يترجم في صحف سورية ولبنان ومصر ، كما اصدر تلك المرحلة المبكرة من حياته كتابين هما : ( أصول التدريس) عام 1934 م ، و(نصوص وأساليب) عام 1936م .
محاولة تأسيس رابطة أدبية
وقال : ان الدهان حاول آنذاك تأسيس جمعية أو رابطة أدبية من أدباء شباب حلب نحو عام 1930م ، بمشاركة عبدالله يوركي حلاق ، وأورخان ميسر ، وشارل خوري ، وأحمد الاوبري ، وعمر أبوريشة ، وممدوح حقي ، وكان الهدف منها خدمة الشعر وتجديده ولكن لم يكتب لها النجاح والاستمرار لأسباب كثيرة .
أبو فراس الحمداني والدكتوراه
ونوه إلى انتقاله بعد الثانوية للدراسة العليا في في باريس ، حيث تابع دراسته ، وهناك وصنع ديوان (ابي فراس الحمداني) الذي استغرق منه اربع عشرة سنة ، حصل به على أثرها على درجة دكتوراه الدولة من السوربون ، وبتقدير امتياز مع مرتبة الشرف الأولي ، وقد طُبع الديوان بدمشق بإشراف المعهد الفرنسي في ثلاثة أجزاء كبيرة ، ليكون بداية لأعمال متعددة في خدمة التراث وتوثيقه .
الدهان والمستشرقين
ويستطرد البكري قائلاً : وفي باريس بدأ اتصاله بالمستشرقين الفرنسيين أمثال غود فروا ديمومبين ، ومارسيه ، وماسينيون ، وسوفا جيه ، وماسيه .. وعن طريقهم بدأ درب العلم والجهاد المتواصل في سبيل إجياء تراث العرب العلمي .، وسجل ذكرياته في كتابه الإبداعي (درب الشوك) .
وكانت البداية سنة 1939م ، ومعها كانت بداية الحرب العالمية الثانية ، مما اضطره للتوقف قليلاً فأسندت الحكومة الفرنسية العمل بجمع جثث القتلى أثناء الحرب ، مما جعله يفضل العودة إلى حلب عام (1940م) وينجز عمله في ديوان أبي فراس ، ويحصل على درجة الدكتوراه ، لينتدب عضواً بقرار جمهور سوري في المعهد الفرنسي للدراسات الغربية العالية التابع للسوربون ، ومدرساً بكلية التربية بجامعة دمشق ، ثم عضواً في المجمع العلمي العربي بدمشق عام 1953 م .
الدهان في مصر
ووفي القاهرة ، على الرغم من تفرغ الدهان للتراث ، إلا أنه التقي بأدباء مصر ، في مقدمتهم محمود تيمور ، والعقاد ، وطه حسين ، وتوفيق الحكيم ، وعلي محمود طه ، وإبراهيم اليازجي ، وإبراهيم ناجي ، والزيات..وغيرهم .
وكانت له اسهامات فعالة في الحركة الأدبية في مصر ، ودخل في حوارات فكرية حول ما كتبه عن الإمام علي رضي الله عنه ، وكانت له إصدارات عدة في الصحف المصرية و ترجمة كتب الاستشراق و بالأخص حول المخطوطات العربية ، وتسلم أمر تحرير جريدة (الوحدة) في سورية..وغيرها من الإنجازات الإبداعية الملهمة.
يمكن الاطلاع على المزيد من التفاصيل في مجلة تراثنا في عددها الخامس ، الصادر في (شوال 1417 هجري 0 مارس 1997م)
نقلا عن تراثنا – العدد الخامس
تواصل مع تراثنا