انتقاءات “تراثنا“من عجائب وغرائب التاريخ (3)
تراثنا – التحرير : سَن الله سنناً كونية ، تتكرر ولا تتبدل ، ماضية في خلقه ، على مر الأزمنة والتاريخ ، فمنهم من أعتبر من عِبرها واستفاد فنجا ، ومنهم من لم يعتبر ، وظن انه ناج مما وقع فيه، من سوء خاتمة وتنكيل حلت بالسابقين ، بشطارته وحسن تدبيره وحيلته .. فوقع عليه سنة ما جرى على السابقين ، وأنضم بدوره إلى الموكب الطويل ممن سبقوه ، وأصبح هو الآخر ..عبرة لمن أعتبر !
-
فر الوزير الجائر بأهله وحاشيته محاطاً بالحرس خشية نقمة الناس إلى همدان فلقى مصرعه هناك !
-
لم يغن عن الوزير الجائر من مصيره المحتوم لجوئه إلى ضرب المنجمين بالرمال وتحديد يوم الفرار .
-
رجعت نساؤه بعد أن ذهبن بين يديه على مراكب الذهب ، وقد ابدلهن الله الذل بعد العزة.
من كتاب ( عجائب من عصور متفرقة – الجزء 1 ) وقع اختيارنا على حادثة من حوادث سنة 516 هجرية،ذكرها ابن كثير المتوفي عام 774 هجرية ، في كتابه ( البداية والنهاية) 12 /191 جاء فيها ما يلي :
علي بن أحمد السميرمي : نسبة إلى قرية بأصبهان (1) كان وزير السلطان محمود ، وكان مجاهراً بالظلم والفسق ، و أحدث على الناس مكوساً (2)، وجددها بعد ما كانت أزيلت من مدة متطاولة .
وكان يقول : قد استحييت من كثرة ظلم من لا ناصر له ،وكثرة ما أحدثت من السنن السيئة ، ولما عزم على الخروج إلى همدان ، أحضر المنجمين ، فضربوا له “تخت رمل” لساعة خروجه ، ليكون أسرع لعودته .
فخرج في تلك الساعة ( التي حددها المنجمون ) وبين يديه السيوف المسلولة ، والمماليك الكثيرة بالعدد الباهرة ، فما أغنى عنه ذلك شيئاً !
بل جاءه باطني ( رجل من عصابات فرق الباطنية ) فضربه فقتله ، ثم مات الباطني بعده ، ورجع نساؤه بعد أن ذهبن بين يديه على مراكب الذهب ، حاسرات عن وجهوهن (حزنا ) ، قد أبدلهن الله الذل بعد العزة ،والخوف بعد الأمن ،والحزن بعد السرور ، والفرح جزاءً وفاقاً .
وذلك يوم الثلاثاء سلخ صفر ، وما أشبه حالهن بقول أبي العتاهية في الخيزران وجواريها حين مات المهدي :
رُحن في الوشى كسيرات
عليهن المسوح
كل بطَاح من الناس
له يوم
لتموتن و لو عمرت
ما عُمر نوح
فعلى نفسك نح إن كنت
لا بد تنوح
هامش :
- أصبهان : منهم من يفتح الهمزة ، وهم الأكثر وكسها آخرون منهم السمعاني وأبو عبيد البكري الأندلسي ، وهي مدينة عظيمة مشهورة من أعلام المدن وأعيانها ويسرفون في وصف عظمها حتي يتجاوز حد الاقتصاد إلى غاية الإسراف ، واصبهان : أسم للإقليم بأسره ( معجم البلدان 1/206 ).
- المكس : الجباية ، دراهم كانت تؤخذ من بائع السلع في الأسواق الجاهلية ، والمكس : الضريبة التي يأخذها الماكس وأصله الجباية . ( لسان العرب 3/515 ) .
خدمات
زيارة الصفحة الرئيسة ( تراثنا )
حساب ( تراثنا ) على منصة تويتر
مجلة ( تراثنا ) الورقية
الموقع الالكتروني لمركز المخطوطات والتراث والوثائق
• لا تتوفر تراثنا حاليا في الاسواق وإنما عن طريق الاشتراك ..
التعقيبات والمساهمات ضمن بريد القراء ادناه
هواتف المركز : 25320902- 25320900/ 965 +