وقفات في سطور
تراثنا – التحرير :
قصر مشرف العائد للشيخ عبدالله المبارك الصباح – يرحمه الله – يعد معلماً شاهداً على أحداث كثيرة مرت بها الكويت ، كان مقراً لصنع القرار، حيث ألتقى تحت سقفه الملوك والأمراء والرؤساء والسفراء وكبار الشخصيات ، ودارت المناقشات والحوارات في قاعاته وصالوناته وعلى موائده .
-
الشيخ مبارك الصباح بنى القصر من الطين وادخل ابنه الشيخ عبدالله المبارك تحسينات عليه واُعتبر من أعظم القصور في الجزيرة العربية
-
خمسون مليون روبية كلفة بناء قصر مشرف ، تقارب نحو 3.750 مليون دينار ، وكان معداً لاستقبال ضيوف الدولة باعتباره أكثر المباني جاذبية .
-
الملوك والأمراء والرؤساء وكبار الشخصيات والسفراء والأدباء حلوا ضيوفا على قاعات القصر وموائده وألقيت حوله الكلمات وأنشدت الأشعار !
-
طباخ قوازي القصر: جهزت القوزي للملك عبدالعزيز آل سعود في أول زيارة له للكويت ولأبنه سعود بن عبدالعزيز ولضيوف القصر.
إنقر للمشاهدة
القصر وإشاعة هدمه
ولعل من المحفزات التي دفعت تراثنا إلى تناول أهمية قصر مشرف في التاريخ الكويتي الحديث، ما تناقلته وسائل التواصل الاجتماعي بشأن ما تردد عن مباشرة إزالته ، وهي معلومات غير دقيقة ، ألتبس فيها عمليات تنظيمية تدور حول القصر ، الذي باتت ملكيته و المحافظة عليه والجامع التابع له تعود إلى المجلس الوطني للثقافة والفنون باعتباره أثر بازر من أثار الكويت المحافظ عليها .
الجدير بالذكر ان قصر مشرف الذي بُني في منطقة مرتفعة تشرف على المدينة ،حيث سمي بهذه التسمية لأشرافها عليها ، حظي بين جدرانه الكثير من الذكريات الباقية في الوجدان ،تناولها الكتاب والإعلاميين وزوار القصر .
جولة في القصر
في عام 2014 طاف د . محمد بن إبراهيم الشيباني * برفقة الاساتذة صالح القديري ورياض كنعان ، بأطلال قصر الذي كان يوماً ما يعج بالحياة ، وتفوح في قاعاته وممراته عبق البخور، فيما يتوافد عليه الرؤساء والسفراء والزاور من مختلف البلاد وبلغات عدة .. فكانت حصيلة تلك الجولة ، كتابه (قصر مشرف : قصر الشيخ مبارك ثم ابنه الشيخ عبدالله المبارك) .
يوضح د .الشيباني عن محادثة دارت بينه الشيخة سعاد الصباح قرينة الشيخ مبارك الصباح – يرحمه الله – أوضحت فيها ان الشيخ مبارك بني القصر من طين ثم في الاربعينيات جدده ابنه عبدالله ، وعن تسميته تشير إلى أن القصر بني في منطقة مرتفعة تشرف على المدينة لذلك سمي قصر مشرف .
بناءه وتجديده
وفي التفاصيل فقد بنى القصر الشيخ مبارك الصباح (قصر مشرف) الذي آل إلى أبنه عبدالله المبارك – يرحمهما الله – عام (1318 هجري- 1900م).
ويقول د . الشيباني أن ابنه الشيخ عبداللم المبارك ( 1991 – 1914م) أدخل على القصر تحسينات ،وأعاد بناء أجزائه بدون حساب للنفقات ، فلذلك فقد عد من أعظم القصور في الجزيرة العربية ، حيث جدد بناؤه عام (1359 هجري – 1940م ) ثم أعيد بناؤه من جديد عام (1370 هجري – 1950م)، وزاد عليه بناء مسجد فيه كبير شامخ يتسع لأكثر من مئة مصل .
تكلفة بناء القصر
وفي حديثه عن تكاليف بناء القصر يقول جون هنري ميلر (تاريخ الكويت ، الشملان) : شيد قصر مشرف في أقل من عامين ، وقد كلف خمسين مليون روبية (نحو (3.750 ملايين دينار) ، ليست سكنا للرجل القوي عبدالله المبارك فحسب ، بل أيضا مقر لاستقبال ضيوف الدولة ، باعتباره أكثر مباني الكويت جاذبية .
محتويات القصر
ويستطرد د .المؤلف في سرد وصف ميلر (1) عن محتويات القصر الفاخر فيقول : حوض سباحة ، وسينما ، ثكنات عسكرية ، مطابخ ..جناح للحريم وآخر للضيوف ، مسجد ، ومواقف ظليلة لمئتي سيارة ..حديقة ورود ، ومستودع سلاح ، صالات استقبال وطعام لستمئة شخص ..عرائش ممتدة وأحواض ورود ، فداوية ..سيارات مدرعة ..محطة برق .. مشرف قلعة لشيخ قوي يتولى حماية ثروة الدولة ورفاهها بقوة الشرطة والجيش.
مطبخ القصر المركزي
ويستأنف ميلر : مع وجود مطبخ مركز كبير ، وطباخين ، وفي أدواره الثلاثة مطابخ ملحقة ، كما رأيت بنفسي أثناء زيارة للقصر ،ولكن الشيخ عبدالله المبارك كان يشتاق إلى المطابخ المحلية الكويتية مثل الحلواجي وغيره .
مجهز قوازي الشيوخ
ويتناول ميلر ما قاله الطباخ إبراهيم الحلواجي الذي عمل مساعدا لوالده في إعداد الخرفان المشوية (القوزي) ، مشيرا إلى من هؤلاء الضيوف الذي أعد لهم والده الطعام ، الملك عبدالعزيز آل سعود أثناء زيارة للكويت عام 1334 هجري – 1915م ، في أول زيارة له خارج بلاده إلى الكويت .. كما قُدمت القوازي في زيارة الملك سعود بن عبدالعزيز إلى الكويت عام 1318 هجرية – 1961م..
وعن أهمية القصر في تلك الفترة ، يوضح المؤلف د .الشيباني أن القصر شهد ذكريات كثيرة حيث شهد زوار من الرحالة والعاملين في الكويت أنذاك من عرب وأجانب وحضور موائد أفطار تقام في رمضان، بعضهم تناول زيارته في كتاباته منوها بالكرم الذي قوبل به .
زهرة ديكسون تزور القصر
تصف الكاتبة زهرة ديكسون (1925 – 20 مايو 2015) (2) زيارتها لقصر مشرف : ركبنا السيارة متوجهين بها إلى قصر عبدالله المبارك الكائن في الصحراء لتناول طعام العشاء على مائدته ، والشيخ عبدالله هو عم الحاكم الحالي – الشيخ عبدالله السالم – وشخصيته جذابة بارزة نافذة الكلمة في أوساط شيوخ والكويت ..
ثم تقول : أخذت السيارة تقترب من هدفها ،كنا نشاهد أضواء القصر تسطع من قمة التلة ، وقد أضفت على المكان منظراً ليس أبدع ولا أروع من متألق نوره .. وبعد دقائق معدودات وصلت بنا السيارة إلى مدخل القصر الرئيس حيث كان الشيخ عبدالله نفسه واقفاً بانتظارنا ..
وليمة خيالية
وفي وصفها للوليمة تقول الكاتبة ديكسون : لقد بسطت قطعة قماش بيضاء (سماط) يبلغ طولها 15 ياردة في ارض تلك القاعة الطويلة ، ووضع عليها سبع عشرة صينية كبيرة نضدت فوقها أكداس الأرز واللحم ، وكان وُضع في كل صينية من الصواني السبع الأولى خروف كامل ، كما وضع بجانب الصواني الكبيرة مئات الصحون الصغيرة التي كانت تحتوي العديد من المقبلات والتوابل وغيرها ، يضاف إلى ذلك صحون اخرى ملئت بلحم الغزلان وغيرهما من لحوم الصيد التي صادها الشيخ عبدالله بنفسه في إحدى رحلات صيده الأخيرة ، بينما وضع في بعض الصحون الأخرى سمك محمر وفراريج تبعث على الشهية بالأضافة إلى الأرز وغير ذلك من المآكل والأطايب الشهية .
أشعار قيلت في القصر
في منتصف الأربعينيات مر الشاعر “صقر النصافي ” في منطقة يطل عليها قصر الشيخ عبدالله المبارك الصباح بمنطقة مشرف ، وشاهد تزاحم الضيوف فيه ،فقال هذه القصيدة مخاطبة ابن عمه خليفة النصافي بمدح القصر ويذكر سجايا الشيخ :
كاتب وكتاب
أنقر للتفاصيل
كتاب (قصر مشرف : قصر الشيخ مبارك ثم ابنه الشيخ عبدالله المبارك) لمؤلفه د . محمد بن إبراهيم الشيباني رئيس مركز المخطوطات والتراث والوثائق ، الطبعة الأولى عام 2014 ،يقع في 56 صفحة متوسطة الحجم ، منشورات مركز المخطوطات والتراث والوثائق .
هامش :
*رئيس مركز المخطوطات والتراث والوثائق ومجلة تراثنا
1- مهندس سويسري عمل في فترة الخمسينيات الميلادية في إنجاز ميناء الشويخ في الكويتي .
2-الكويت كانت منزلي لزهرة ديكسون ، ص 149 .