انتقاءات من الاعلام العربي
كتاب الكويت في جريدة العراق
الحلقة 3
تراثنا – التحرير :
في الحلقة الثالثة يستكمل الكاتب الكويتي وليد عبدالله الغانم – يرحمه الله – وقائع كتبتها صحيفة (العراق)عن تداعيات هجوم الاخوان بقيادة فيصل الدويش على قرية (الجهرة) وتصدي الكويت له.
وكانت مناوشات حدودية حصلت بين البلدين ، تم على أثرها اتفاق الطرفين على عرض النزاع على الحكومة البريطانية لتبدي حكمها فيه .
وحول ما آل إليه الأمر، وخلفيات النزاع ، استكملت جريدة (العراق) المستجدات على مسرح الحدث ،ونشرت في عددها رقم (276) الصادر في : 25 نيسان (نوفمبر) 1921 – الموافق: 15 من شعبان 1339هجرية ، بوادر انفراج الأزمة بتدخلات من حلفاء بالمنطقة ، جاءت تحت عنوان :
رسائل الجهات المشكلة الكويتية
بشرتنا الأنباء المستعجلة بما كنا نتوقعه في حسم الخلاف بين نجد والكويت وعودة السلام إلى هذين المصرين ، بفضل وساطة حضرة السردار أقداس صاحب السمو الشيخ خزعل خان أمير عربستان.
وهي بشري يسر لها فؤاد كل عربي ولا شك وعلى الخصوص سكان العراق مجاوري هؤلاء الأمراء الكرام ، ويخلق بي أن أفصّْل لقراء جريدة (العراق) الكرام باختصار هذه المسألة بياناً لفضل سردار أقداس الذي بذل جاهه وماله في سبيل حلها على ما فيه من خير بادية نجد .
وإننا نطمع من سموه أن يبذل مثل هذا الجهد أيضا في سبيل مصالحة آل سعود وآل رشيد وما غيره بكفء لهذه المهمة التي تحقن دماء العرب الزكية ، فلا تهدر بغير ما مصلحة للأمة والوطن .
إن المرحوم الشيخ مبارك آل صباح كان معروفاً بسياسته السديدة ، وبُعد مواقع نظره ، فعرف موقف إمارته بإزاء جيرانها ،وبإزاء قواها الداخلية ، فاستعمل الرأي ، وهو قبل شجاعة الشجعان ، وخادن سمو الأمير عبدالعزيز آل سعود وسمو السردار أقداس الشيخ خزعل خان ، فكان هذا يحمي الكويتيين إذا ركبوا البحار ، وذاك يحميهم إذا ساروا في القفار ، وقضي عهداً طيباً حمده الكويتيين كثيراً ومازالوا يتشوقون إلى مثله .
وعندما انتقل الشيخ مبارك إلى رحمة الله ، خلفه كبير أنجاله المرحوم الشيخ جابر ، وهذا آلى على نفسه بمشهد من كبار قومه أن يسير على خطة والده في سياسة بلاده ،وقال سمو السردار أقداس عندما حضر إلى الكويت لقراءة الفاتحة على ملأ من الناس ما نصه : (إننا لا نحزن على مبارك فقد دفناه بثوبه طالما أبقاك لنا إيها السرداس أقداس مرشداً وأباً وعضداً) .
وقد بر المرحوم الشيخ جابر بوعده وقضى سنة وعشرة أشهر على عرش الإمارة على نحو السياسة التي كان عليها المرحوم والده فبقى للكويت عمرانها وأمنها ويُسرها .
وقضى الله أن يموت المرحوم الشيخ جابر، ويخلفه على العرش أخوه المرحوم الشيخ سالم ، فرأى هذا الشيخ رحمه الله منذ تولى الإمارة أن يختط خطة جديدة لسياسة بلده حسبها أربح وأنجد ، فكانت لسوء الحظ هي المهددة بلده بالاضمحلال وعرشه بالزوال ، ولا نتوسع في بيان تلك الخطة إذ مات الرجل ، ومن مات فقذ تذكي ، وحسبنا أن نقول إنها أفضت إلى إعراض سمو السردار أقداس عن الكويت ، وله فيها قصور شامخة ،وإلى إقدام سمو الأمير عبدالعزيز آل سعود أمير نجد على محاربة الكويت ، وقد كان صديقها الصدوق على ما هو معروف عن سموه من الوفاء ومكارم الأخلاق .
محاربة النجديين للكويتيين ليس فقط تضر وتهدد استقلالهم بل وتقضي على بلدهم بالاضمحلال ، لأن زبائنها كلهم من نجد ، وما هي إلا سوق النجديين ، ولذلك رأي سمو السردار أقدار أن في ذمته واجباً نحو أخيه الشيخ مبارك آل صباح لا يمحوه ماح ، ولذلك أسرع إلى الكويت عند اشتداد الأزمة ونصح ابن صديقه المرحوم الشيخ سالم بأن يذعن لمشورته ، ويدع له أمر التوسط بالصلح ، فلم يسع الشيخ المشار إليه ، إلا قبول هذه الوساطة وحينئذ عاد سمو السردار أقداس إلى الفيلية وأنبأ فخامة السير بيرسي كوكس المعتمد السامي في العراق بما رغبه من الوساطة لحقن الدماء في برية نجد ، فحبذ فخامته هذه الفكرة الطيبة ، وشجع سموه عليها ، وعندما علم الكويتيون بأن سمو السردار أقداس قدمت يده للسلام أطمأنت خواطرهم ،وعاد إليه الرجاء بزوال المحنة .
ويبين كاتب المقال أعلاه الذي حرره في البصرة في غرة رجب 1339 هجري ، المزيد من التفاصيل موضحاً توالي كبار الشخصيات والزعماء في وفود حملهم يخت السردار أقداس الفخم إلى لقاء سمو الأمير عبدالعزيز آل سعود الذي استبشر بقدومهم ، ومن بينهم صاحب المعالي باشا آل منديل ، وولي عهد الكويت الشيخ أحمد آل صباح ، وحضور السردار اقداس نفسه وشيوخ البحرين وغيرهم .
وثيقة : مقال صحيفة العراق
يتبع لاحقا ..
طالع الحلقة الثانية :
المناوشات الحدودية بين نجد والكويت في صحيفة العراق عام 1920
كاتب وكتاب
نقلاً عن كتاب (الكويت في مجلة العراق) خلال الفترة من 1920-1921م ، لمؤلفه وليد عبدالله الغانم ، يقع في 80 صفحة من الحجم الوسط، الطبعة الأولى (1435هجري – 2014م) ، منشورات مركز المخطوطات والتراث والوثائق (الكويت) .
تواصل مع تراثنا