في ظل اجواء رشق الصحابة والعلماء بالدعشنة !
اتهامات تخلو من المصداقية لإسقاط رموز إسلامية على مختلف الأصعدة
تراثنا – التحرير :
كان مدهشاً ولافتاً ، كم الدفق الهائل من الردود الغاضبة على اساءة قناة الإخبارية من مختلف ارجاء العالم ، في تقرير لها نسب إلى العلامة الألباني ترأس العمل الإرهابي !!
وكان تقرير بثته الأخبارية تحدث عن العمليات الارهابية التي جرت في أرض المملكة العربية السعودية والمنطقة ، تطرق في جانب منه إلى محدث الشام العلامة الشيخ محمد ناصر الدين الإلباني اتهمه بتزعم الأرهاب !! ( تقارير عن الألباني ) .
-
تفاجأ العوام قبل العلماء باتهامات الأخبارية للألباني بتزعم الأرهاب في وقت لا يكاد ينقطع ذكر دوره بتضعيف او تصحيح حديث نبوي في المحطات الإذاعية !
-
الألباني: لا أتزعم جماعة، انما ادعو كما يدعو غيري من أهل العلم إلى اتباع الكتاب والسنة وعلى منهج السلف الصالح ، الذين امرنا أن نقتدي بهم .
-
قالوا عن الألباني : بن باز : معروف لدينا بالفضل والعلم ، العثيمين : مثلي لا يتكلم عنه لأنه أعلم مني ، الأرناؤوط : له فضل عظيم ، العلامة الحسني : إمام المحدثين بلا منازع .
-
أ . د عبد العزيز الحربي : ظن البعض أنّ الألباني كان محدّثا ولكنّه ضعيفٌ في الفقه..! ومن قرأ كتبَه وفتاويه يقول: إنّ علمَه بفقهِ الحديثِ كعلمِه بالحديث، أو أكبر .
-
أ . د عبد العزيز العسكر : الارهابيون وجهيمان اجتزأوا من فتاوي الألباني ونسبوا انفسهم إليه وهو بريء من التحزب والإرهاب ، كما اجتزأت داعش من فتاوي بن تيمية .
وزعم التقرير أن العلامة الألباني ترأس جماعة أهل الحديث التي انبثقت منها عدة تجمعات منها جماعة جهيمان التي احتلت الحرم المكي عام 1979م .
صدمة
التقرير شكل صدمة مدوية للعوام قبل العلماء ، خاصة وانه لا يكاد تمر ساعات اليوم الأربعة وعشرين ، إلا وذكر الألباني يأتي مذاعاً عبر عشرات إن لم يكن مئات محطات الأذاعة والتلفزة الرسمية والخاصة ، ومواقع التواصل الأجتماعي ، مصحوباً بعبارة ( حديث صححه أو ضعفه أو حسنه الألباني ) !!
قبول عام في النفوس
فالشيخ – يرحمه الله – لا يمثل بتخريجاته للأحاديث تصحيحا أو تضعيفاً ، جماعة ما أو حزب ، بل هو يقتدي نهج سلف الأمة المحدثين أمثال الأئمة البخاري ومسلم والأمام أحمد وغيرهم ، فهم لأمة الإسلام جمعاء ، وليس لجماعة أو حزب، ولهذا اجمعت الأمة عليهم قبولا، وهو نفسه ما تحقق من قبول للألباني و اجتماع كل اطياف الناس حوله ، في هذه الحادثة ، إلا القلة ، فيما لم يجتمع على مشايخ الأحزاب إلا تلامذتها وابناءها .
فكيف وهكذا الحال ، اصبح المحدث الألباني بين ليلة وضحاها ، بتقرير إخباري ليس متخصصا في قضيا الإسلام وعلم الحديث ، لا من غريب أو بعيد، زعيماً لجماعات ارهابية وداعشية وقاعدية وغيرها من التسميات الجاري تداولها ؟؟
اسقاط الناقل والمنقول
التقرير الطاعن في الألباني افتقر إلى عناصر المصداقية وانعدام دقة التحري في مادته ، ولذلك ، وهي تتماشي – قصداً ام جهلاً – مع الموجة التي تركز على :
أولا : اسقاط الناقل :
القاعدة تقوم على اسقط الناقل ، فيسقط المنقول ، فالمنقول هو ( القرآن الكريم والسنة النبوية )، والناقل هم الصحابة وعلماء الحديث والشريعة من بعدهم ، ولصعوبة التعرض مباشرة للقرآن الكريم ،كان الحل بطعن حملة الحديث النبوي والسخرية منهم ، وبالفعل تجاسر البعض ممن يتسمون بالمستنيرين واشباهم على الطعن بكبار رواة الحديث، وعلى رأسهم التشكيك بكبار الصحابة ، لاسقاطهم في أعين الناس ، وتقليل أهمية ما نقلوه من عن النبي عليه الصلاة والسلام ، ووصلت الطعون إلى حد فج ، باتهام الفتوحات في عهد الصحابة ، وما بعدهم بالدعشنة الارهابية ..! وهي تطال قطعاً الخلفاء الاربعة ” رضوان الله عليهم ” !
ثانيا : اسقاط المنقول نفسه :
فإذا تم اسقاط الناقل للحديث، من كبار صحابة والرواة ، تهاوت باقي السلسلة وتداعت تباعاً ، فتسقط عندها مرجعيات الإسلام الكبرى ، وما نقلوه من روايات كالبخاري ، والأمام مسلم وغيرها من الأسانيد ، وسقطت بالتبعية قدسية الحديث النبوي وشابتها الريبة ، ويبقى ما تردده بعض الأوساط التي تصف نفسها بالعقلانية ، والنورانية تارة أخرى ، بأنهم متمسكون بالقرآن ، ادعاء مفرغا من الروايات والتفاسير المنقولة عن النبي عليه الصلاة والسلام والصحابة ، الموضحة لأحكام للقرآن .
والخلاصة أن الغرض ومن كل هذا الهرج تعطيل العمل بالكتاب والسنة ، فهما متلازمان ، وترك تفسير القرآن لعبث اهل الأهواء ، بدون أدنى ضابط يحكم فهمها ، إلا عامل المصالح والأمزجة تبعاً لأغراض سياسية واقتصادية وحزبية وطائفية وغيرها ، يشرعن تخريجاتها علماء السوء واتباعهم .
طعون خالية من المصداقية
هي هجمة ، اخذت صور عدة ، تتخذ من الكذب ونشر الأفتراءات عبر التقارير ووسائل التواصل الاجتماعي سلاح لها ، لطعن الخصوم ، بدون ادنى ادنى مصداقية في تحري المعلومة ، لقلة الباحثين والمهتمين بتقصي صحة هذه المزاعم .
ولكن الهجمة هذه المرة كانت فجة وغريبة ، أن يأتي الاتهام بالتطرف ، لشخصية نالت وسام التقدير من هيئة كبار العلماء في المملكة العربية السعودية ، وعلى رأسهم العلامة بن باز ، العلامة بن عثيمين وغيرهم ” يرحمهم الله ” ، وهو ما سوف يتم الإشارة إليه في السياق .
طالع : الألباني ينفي ترأس الإرهاب ومواقع إعلامية وتواصل اجتماعي تستنكر
شذرات من ثناء العلماء على العلامة الألباني
بن باز : معروف لدينا بالعلم والفضل
الرجل معروف لدينا بالعلم والفضل وتعظيم السنة وخدمتها ، وتأييد مذهب أهل السنة والجماعة في التحذير من التعصب والتقليد الأعمى، وكتبه مفيدة، ولكنه كغيره من العلماء ليس بمعصوم، يخطئ ويصيب، ونرجو له في إصابته أجرين وفي خطأه أجر الاجتهاد. الفتوى رقم (5981) – اللجنة الدائمة برئاسة العلامة عبدالعزيز ابن باز – يرحمه الله .
العثيمين : مثلي لا يتكلم عنه !
سُئل الإمام العثيمين عن الإمام الألباني : فقال: ” مثلي لا يتكلم عنه ، لأنه أعلم مني، وأنفع مني للأمة، ونشهد الله على حبه، وهو أول من فتح الباب للبحث في علم الحديث، ونفع الله به الأمة “. [«الدّر الثمين في ترجمة فقيه الأمة العلامة ابن عثيمين – يرحمه الله » (ص:240)] .
شعيب الأرناؤوط : له فضل عظيم
«وقبل أن أختم كلمتي لا بدّ لي من إزجاء الشكر الجزيل للأستاذ المحقق الشيخ ناصر الدين الألباني الذي كان له الفضل في استخراج هذا الكنز النفيس من كنوز أجدادنا العظماء والإشارة بطبعه». [مقدمة تحقيق «مسند أبي بكر» للمروزي (ص:8) (ط: سنة 1390هـ/1970م)] ( الشيخ المحقق شعيب الأرناؤوط – يرحمه الله ) .
العلامة الحسني : زعيم المحدثين بلا منازع
إمام العصر، وزعيم المحدثين دون منازع شيخ الإسلام الألباني -رحمه الله وطيب ثراه-. [«صحيفة سوابق وجريدة بوائق ( 12/1) ،( العلامة أبو أويس محمد بوخبزة الحسني – يرحمه الله ) .
أ.د الحربي : علمه بالفقه كعلمه بالحديث
مِن النّاس من يظنّ أنّ الألباني -رحمه الله- كان محدّثا ولكنّه ضعيفٌ في الفقه..! ومن قرأ كتبَه وفتاويه، وسمعَ مباحثاتِه بتحقيقٍ وإنصافٍ يقول: إنّ علمَه بفقهِ الحديثِ كعلمِه بالحديث، أو أكبر..! ( أ.د. عبدالعزيز الحربي ) .
أ . د العسكري : جهيمان اجتزأ فتاوي الألباني
الجماعات الجهادية والقتالية والسياسية تجتزأ فتاوي ، واذكر ان جماعة جهيمان اجتزأت فتوى للشيخ الألباني وهو بريء من التكفير والتحزب وهو عالم سلفي صاحب توحيد ، منح جائزة الملك فيصل العالمية في خدمة السنة ، ليس عندنا شك ، كما اجتزأت داعش من فتاوي شيخ الإسلام بن تيمية . ( أ . د عبدالعزيز العسكري ) .
طالع : أ . د الشيخ عبد العزيز العسكري يرد على اتهامات الأخبارية للعلامة الألباني ( يوتيوب )
للمزيد طالع : ثناء كبار العلماء على العلامة الألباني ( بوابة تراث الألباني ) .
أبرز مؤلفاته
وفي الختام : لم يترك الشيخ الألباني (رحمه الله) مادة في علم الحديث النبوي إلا تطرق إليها بالبحث والتأليف والاختصار والشرح والرد .. ومن مؤلفاته: «سلسلة الأحاديث الضعيفة وأثرها السيئ في الأمة» و«مختصر صحيح البخاري» و«صحيح الجامع الصغير وزيادته» و«ضعيف الجامع الصغير وزيادته» و«سلسلة الأحاديث الصحيحة» و«التعليق على الباحث الحثيث» لابن كثير و«صحيح ابن خزيمة»، وغيرها.
الجدير بالذكر ان د . محمد بن إبراهيم الشيباني * الف كتاب في الذب عن العلامة بعنوان ( حياة الألباني وآثاره وثناء العلماء عليه ) يتكون الكتاب من جزأين من الحجم الوسط ، يقع الجزء الأول في في460 صفحة ، والثاني في 914 صفحة يضاف إليها الملاحق ، ( طُبع عام 1425 هحرية – 2004 )، يقول د .الشياني في تقديمه : ” لايسعني إلا أن أنوه إلى انني قد قرأت هذا الكتاب على العلامة محمد ناصر الدين الإلباني حفظة الله ومتع في عمره ، وفي جلسات متعددة على مدار سنتين كاملتين ، حتي خرج بهذه الصورة التي تراها بين يديك ” . .
* رئيس مركز المخطوطات والتراث والوثائق ومجلة تراثنا .