الحلقة الخامسة
علامة الجزيرة المؤرخ حمد الجاسر في سطور
تراثنا – التحرير :
يُعد علامة الجزيرة الأديب السعودي الشيخ حمد الجاسر(1910- 2000م) من كبار الأدباء في المنطقة ، وله مساهمات كبيرة في إحياء تراث الجزيرة العربية وله معجم عن جغرافية السعودية ومؤلفات عدة في التاريخ والسير والمخطوطات وكتب في النسابة ومشاركات في مؤتمرات محلية وخارجية وغيرها..
المؤرخ الجاسر
-
تأثرت بما شاهدت من ملامح التقدم في مصر عند قدومي إليها من بلدي إلا إنني ما كانت ذا اهتمام كبير في ذلك !
-
ازدادت صلتي بالعلماء والمدرسين المصريين في السعودية وغيرهم وتأثرت بتقدم الثقافة عندهم وازدهار العلوم وخاصة الازهر.
-
كنت اول طالب سعودي يلتحق بكلية الآداب بالقاهرة ولم أكمل الدراسة لقيام الحرب العالمية واكتفيت بهذه الدراسة القصيرة .
لماذا باب السلام ؟
ترافق تراثنا العلامة الجاسر في رحلته ، منذ نشأته في قرية بسيطة تهتم بالفلاحة، ونتوقف معه في السطور التالية مع ما دوًَنه بنفسه عن شغفه بالعلم وعلاقته ومودته لعلماء مصر، منتقاة من أرشيفها الصحفي في مركز المخطوطات والتراث والوثائق.
لم يكن تأثري بمشاهدة مكة المكرمة في رحلتي الأولى كتأثر من دفعه الإحساس ألروحي حين شاهد الكعبة المشرفة ، ودخل المسجد الحرام فحسب ، وإنما تعدى ذلك إلى ما كان له أعمق الأثر في نفسي ، وهو ما شاهدته في باب السلام ، من كثرة المكتبات التي تزخر بالمؤلفات .
فكنت كثيراً ما أدخل من ذلك الباب عندما أريد الدخول إلى المسجد ، لكي استعرض بعض ما عُرض في واجهتها من كتب ، وأتمنى لو كان في استطاعتي أن تكون كلها في حوزتي .أما من حيث الدوافع الذاتية وشغفي بالتعلم مبكراً ، فلعل السبب فيه تأثر صحتي آنذاك .
الجاسر وعلماء مصر
أما عن ظروف الانتقال لطلب العلم في القاهرة فيقول : في المثل المتداول “يا داخل مصر غيرك ألوف ” ، وهكذا كان كل من يشاهد القاهرة بعد أن يخرج من بلادنا ، وأنا وإن تأثرت بما شاهدت من ملامحها ، إلا أنني ما كنت ذا اهتمام كبير بذلك !
كان وصولي إلى القاهرة أمنية طالما تطلعت إليها ، وسعيت بجد ودأب لتحقيقها ، منذ أن انتظمت في طلاب المعهد العلمي السعودي بمكة عام 1930 م ، حيث قويت صلتي بعدد من العلماء المصريين ، كالشيخ محمد عبد الظاهر أبو السمح ، إمام الحرم المكي وخطيبه والمدرس فيه(1) ، والشيخ محمد بن عبدالرزاق حمرة ،وأحد أساتذة المعهد (2)، ثم بالشيخ إبراهيم الشوري ، الذي تولى إدارته بعد الشيخ محمد بهجة البيطار( يرحمهم الله ) .
الجاسر والصحف المصرية
وكان أن تفتحت على مطالعة بعض الصحف المصرية التي تعني – واكثر ما تعني – بالشؤون الثقافية ، كمجلة الهلال ، ومجلة المقتطف ، ومجلة الزهراء ، ثم ” الفتح ” ومجلة “المنار” ، ومجلة ” نور الإسلام ” .
على قلة ما كان متداولا بين طلاب المعهد من تلك المجلات، التي كانت تصل إلى بعض المدرسين ، فلا يضن باطلاع طلابه ، أو من يثق منهم عليها على حذر ، لاحتواء بعضها على ما ليس مستساغاً أو مقبولاً عند كل مرتادي ذلك المعهد .
ثم ازدادت الصلة بكثير ممن يفد من مصر من المدرسين وغيرهم ، فكان من أثر ذلك كله أن ادركت تقدم الثقافة وازدهار العلوم في تلك البلاد ، وخاصة في الأزهر ومعاهده الدينية ودار العلوم ما استحوذ على فكري .
السفر إلى القاهرة
ولا أبالغ إذا وصفته بأنه أصبح من أقوى الحوافز في نفسي لأبذل ما استطيع من جهد للاستزادة من التحصيل أثناء الدراسة مما يهيئ لي لو استطعت الذهاب إلى تلك البلاد للالتحاق بأحد معاهد العلم فيها ، وقد ألحقت بالبعثة العلمية بمصر بأمر ملكي صدر عام 1938م .
أما وسيلة الرحلة من جدة فهي الباخرة في درجتها الثانية ، والرفيق فيها يدعى محمد سلطان شنب الدين ، مبعوث من مطبعة أم القرى للتمرن على أعمال الطباعة ، وجل أفراد البعثة العلمية كانوا ابتعثوا قبلي بسنوات ، ومع ذلك فكنت أول طالب سعودي التحق بكلية الآداب بالقاهرة ،ولكنني لم أكمل الدراسة ، فقد قامت الحرب العالمية الثانية ، وعند عودة البعثة لم أرغب في العودة ، وأصبحت قانعاً بما شاهدته أثناء دراستي في المدة القصيرة في تلك الكلية ( والمزيد من التفاصيل في تراثنا -العدد 91) .
يتبع لاحقا ..
هوامش :
1- عبد الظاهر أبو السمح مواليد قرية التلين بمصر ، أتى الملك عبدالعزيز آل سعود عام 1926م من الإسكندرية ، فتولى إمامة الحرم المكي ومدرسا بدار الحديث بمكة المكرمة- يرحمه الله .
2-الشيخ محمد عبدالرزاق حمزة ، من مواليد قرية كفر الشيخ بمصر تولى إمامة الحرم المكي وخطيبا ،وأول من فكر في تأسيس مرصد فلكي في مكة المكرمة لأثبات رؤية الهلال، توفي عام 1972 – يرحمه الله.
طالع الحلقة الرابعة :
المؤرخ حمد الجاسر ورحلته في طلب العلم وأبرز اساتذته
نقلا عن تراثنا – العدد 19
بادر بحجز نسختك
تواصل مع تراثنا