المنجم و التنجيم … المنجم هو الذي تكهن بوساطة التنجيم ، وذلك أن يرعى النجوم بحسب مواقيتها وسيرها ليعلم منها أحوال العالم ، وفي كتب اللغة علم النجوم عندهم يبحث في أحوال الشمس والقمر وغيرها من الكواكب ، وموضوعه النجوم من حيث يمكن أن تعرف بها أحوال العالم ومسائله ، كقولهم : كلما كانت الشمس مثلا على هذا الوضع المخصوص فهي تدل على حدوث أمر كذا في العالم .
علم النجوم
والأصل في هذا المضرب من الكهانة أنهم كانوا يعتقدون ” اهل الجاهلية ” أن كل ما يحدث في هذا العالم من الحوادث إنما سببه النجوم من حيث سيرها ومنازلها وأنوائها واقترانها إلى غير ذلك من أحوالها ومظاهرها . فنسبوا إليها البرد والحر والصحو والمطر والخير والشر والصحة والحرب والسلم والسعد والنحس ، وهو الاعتقاد الذي جعلهم يعبدونها في القدم .
فلما وجُد عندهم ذلك الاعتقاد أخذوا يلاحظون النجوم ويراقبونها ويلاحظون سيرها ومواقيتها حتي إذا حدث في الأرض حادث ما في زمن ما ، ثم عاد الفلك إلى هيأته التي كان عليها حين وقع ذلك الحادث ، أنبأوا بعودة أيضا بناء على أن الأسباب الواحدة ، في حالة واحدة ، تنتج دائما نتائج واحدة .
فهذا هو الأصل في علم النجوم ، ثم اتخذه بعضهم طريقة لكسب المال فجعلوه ضرباً من ضروب الكهانة ، وصاروا يخبرون بما يخبر به الكهان من أحوال الغيب المختصة بأفراد الناس ، كتفسير الأحلام ، وأدواء المرضى ، ونجاح المسعى ، وما أشبه ذلك .
واعتقدت عامة الشعب أن كل شيء في النجوم ، وإن الإنسان قد يعلم الغيب بالوحي الفلكي ، فمن ثم قالو في كلامهم : نظر فلان في النجوم ، بمعنى أنه فكر في أمر ينظر كيف يدبره ، فصار ذلك في اللغة (*) كما تقول : بفلان جُنة بمعنى أنه مختل العقل ، وهذا من شواهد تأثير أعتقاد الشعوب في لغاتهم وهو كثير في اللغة العربية .
من كتاب “الكهانة ” الحلقة 6
هامش : *في اللغة : جاء في القران الكريم عند الكلام على أبراهيم ” فنظرة نظرة في النجوم فقال إني سقيم ” قال الليث : يقال للإنسان إذا تفكر في أمر ينظر كيف يدبر ، نظر في النجوم قال : وهذا جاء عن الحسن في تفسير هذه الآية أي تفكر ما الذي يصرفهم عنه أذا كلفوه الخروج معهم ” لسان العرب ” .
تابعنا هنا
اشترك في ايميل خدمة تلقي الاخبار المجاني هنا