ترجمة ( مجاهد البرتغاليين )
( ت 1051 هجرية – 1641 م )
المجاهد محمد بن أحمد المالكي الزياني العياشي ( أبو عبدالله )
تراثنا – كتب د . محمد بن إبراهيم الشيباني * :
الحمدلله وكفي ، وسلام على عباده الذين اصطفي وبعد :
هذه الرسالة محاولة من المحاولات الكثيرة لي في التركيز وتسليط الضوء على رجالات الأمة الإسلامية والعربية ، من مشرقها إلى مغربها ، وتركيزاً على المحلية والخليج والجزيرة العربية ، من الذين نُسوا أو طمست الأعداء والمخالفون جهادهم وأعمالهم ، بل قد يصل إلى أبعد من ذلك ، إلى حرق وإتلاف مصنفاتهم ، مثلما فعل ذلك الدعي الذي سكن الشام أو أسكنه المستعمر الفرنسي ، وبدأ يستولى ويتعدى على كتب أهل السنة والجماعة ، أمثال شيخ الإسلام ابن تيمية وتلميذه ابن القيم ، بالحرق والإتلاف ،ولولا عناية الله ، ثم تنبه أهل عصره من الأعيان والأهالي والعلماء بعدم بيعهم مؤلفاته المخطوط منها ، والمطبوع آنذاك لما وصلتنا اليوم .
-
اظهر المجاهد محمد أحمد المالكي الزياني العياشي بطولة وعلماً بالمكائد الحربية وكانت له وقائع كثيرة مع البرتغاليين .
-
غدر بعض أهل الأندلس الفارين من مذابح الصليبيين إلى المغرب فتجسسوا لصالح اعداءهم واجتزوا رأس المجاهد العياشي وقدموه للعدو !!
بحمدالله ، ليست هذه الرسالة الأولى التي أخرجت في ترجمة عظمائنا ،وإنما سبقها كثير من الرسائل ، التي تكشف عن أعمال أو جهود لم تكن ذات بال أو معرفة أو متداولة عند الباحثين أو عامة الناس .
وتحقيفاتي لا تختص بأمة من الناس من دون غيرها ، إنما عامة ، سواء من المشرق أو المغرب العربيان ، وإذا اقتضى الأمر وفيه خدمة للبحث العلمي والباحثين ، أحدث مما كتبه الغرب الصليبي عن العلم من العلماء والتراث الإسلامي المنصف منهم والمتهم الحاقد .
والله أسأل أن تكون هذه الرسالة ( الترجمة ) نصيبها مثل أخواتها السابقات من الشمولية ،والبيان في ترجمة هذا العَلَم ، الذي وُصف ( بقاتل البرتغاليين ) الغزاة الصليبيين .
والله المستعان .
تمهيد
* مخطوط يحكي تاريخه :
” الخبر عن ظهور الفقيه العياشي بهذه البلاد ، وذكر سبب قيامه بوظيفة الجهاد ” مخطوط ، يقع في مجلد وسط ،يوجد في الخزانة الملكية بالرباط تحت رقم 90 .
هذا المخطوط للفقية العياشي ، وسبب قيامه بوظيفة الجهاد بدل التدريس والتعليم والتصنيف ، وهو لأبي محمد عبدالقادر بن محمد بن الحسن املاق : كان حياً أواخر القرن الثالث عشر ، بقبيلة متيوة ، موافق أخر المئة الثامنة عشرة ، استهله بقوله : الحمد لله رب العالمين .. عُرف فيه بالشيخ المجاهد أبي عبدالله محمد بن أحمد العياشي المتوفى سنة 1031هجرية أحدا وخمسين وألف موافق سنة 1641 م .
هذا المصنف الترجمة في حياة العياشي ذكرها في ” دليل مؤرخي الغرب ” مؤلفه : عبدالسلام بن عبدالقادر ابن سودة المري ، ط 2 ، 1960 م ، ص 206 ترجمة 803 ، طبع ونشر دار الكتاب ، الدار البيضاء .
رياسة ودولة
وقال الزركلي :محمد بن أحمد المالكي الزياني العياشي ، أبو عبدالله ، من بني مالك بن زغبة الهلاليين !ّ مجاهد ، كانت له رياسة ودولة ، من أهل ” سلا ” في المغرب الأقصى ، وتوجه إلى ” أزمور ” سنة 1013 هجري ، مجاهد الإفرنج ، وسُمي ( قاتل البرتغاليين ) واظهر بطولة وعلماً بالمكائد الحربية ، وأشتهر ، فولاه السلطان زيدان بن أحمد السعدي ثغر ” الفحص ” وبلاد أزمور .
فكانت له وقائع كثيرة مع البرتغاليين ، وعُزل بوشاية سنة 1023 هجرية ، فخرج إلى ” سلا ” وضعف أمر السلطان زيدان ، وانتشرت الفوضى في بلاد كانت منها ” سلا ” فكتب أشياخ القبائل وأعيانها من عرب وبربر ، ورؤساء بعض الأمصار وقضاتها ” ظهيراً ” للعياشي ، بأنهم يلتزمون طاعته ، ويرضون قيامه للجهاد ، ويقاتلون من يخرج عن أمره ، وخالفه بعض أنصار الفتن ، فأخضعهم ،وهاجم حصوناً وثغوراً للإفرنج ، فصحبه الظفر ، وثارت فتنة بفاس بين فريقين من أهلها ، فقصدها ، وأصلح بينهما .
وثبت عنده أن بعض مسلمي الأندلس في ” سلا ” والو الإفرنج وعاملوهم ، ومنهم من تجسس لهم ، فاستفتي العلماء فيهم ، فأفتوا بقتالهم ، فقتل كثيرين منهم ، وفر بعضهم متفرقين في البلدان ، فأراد أهل ” الدلاء ” الشفاعة بمن وصل منهم إلى زاوية الدلاء ، وأبى العياشي ، فحقدوا عليه ، وذهب فغزا ” طنجة ” وبينما هو عائد ، تصدوا له فقاتلوه ، فقُتل فرسه وأنهزم جمعه ، وانتهى الأمر بأن قتلوه ، وحملوا رأسه إلى خونة ” سلا ” ووجد فقيداً بخطه عدد من قتلهم من الإفرنج في غزواته ، وهم كثيرون ، الأعلام ، خير الدين الزركلي (6/9 ) .
وقفه :
هكذا أهل الحق والدين والجهاد بالقلم والسنان ، لا يكون دائما عدوهم من خارجهم ، وإنما من داخلهم من الملة ، وهذا ما فعله أهل الأندلس الفارون من نيران الصليبية العمياء ، بقيادة إيزابيلا وماركوس الصليبيين ، وعندما حضنهم أهل المغرب ، غدر البعض منهم ، وخانوا وتعاونوا مع عدو الإسلام والمسلمين ، بل قتلوا قادة الأمة الذابين عنها شرور الأعداء ، ومنهم هذا المجاهد العظيم ، محمد العياشي – رحمه الله – أتهموا بالعصيان ، فقتلوه غيلة ، واحتزوا رأسه .
• الهجرة من الأندلس إلى المدن المغاربية : (نبذة العصر) :
التاريخ : 1489م وبعد الثورة 1499م (895-905هـ) .
من مالقة إلى بادس في المغرب .
من المرية إلى تلمسان في الجزائر .
من الجزيرة الخضراء إلى طنجة في المغرب .
من رندة ، بسطة، حصن موجز إلى قرية قردوش في المغرب .
من ترمة إلى المهدية في المغرب .
من دانية إلى بلاد الريف في تونس . والقيروان في الجزائر .
من لوشة قرية الفخار في المغرب .
من بربرة ، برجه ، بولة، اندراش إلى المغرب .
من بليس ، إلى المغرب .
من طريفة إلى المغرب .
من منسين إلى المغرب .
وغيرها من مناطق الأندلس وقراها ، التي رحلوا منها خوفاً على دينهم وأموالهم وحياتهم ، وماتبقى لهم من ذكريات، استطاعوا أن يفروا بها من فتك الصليبيين الأشرار ، بفضل من الله وعونه ، وإلى ديار المغرب العربي ، مدنه وقراه ، وقد خط أحدهم بخطه رسالة أسماها ( نبذة العصر ) بمن خرج من أهل الأندلس إلى المغرب العربي ، ومدة الأيام التي قطعوها حتى وصلوا إليها ، من المعاناة والمرض والخوف والموت ..
وهي رسالة لطيفة، ملحقة بكتاب ( الحركة العياشية – حلقة من تاريخ المغرب في القرن 17 ) للباحث عبداللطيف الشاذلي ، تحت عنوان كتاب ( الخبر عن ظهور الفقيه العياشي بهذه البلاد ، وذكر سبب قيامه بوظيفة الجهاد ) مؤلفه عبد القاهر بن محمد بن أحمد بن الحسن أبو املاق -وتقع في كتاب الباحث من الصفحة 185 إلى 301 ( طبعت عام 1403 هجرية /1982 م ) وهي من منشورات كلية الآداب والعلوم الإنسانية بالرباط – أطروحات ورسائل 10 .
المراجع والمصادر
– الاعلام – خير الدين الزركلي ، دار الملايين ، بيرت، ط 7 ، 1407 هجرية/ 1986 م .
-دليل مؤرخ المغرب الأقصى.، عبدالسلام بن عبدالقادر سودة ، دار الكتاب ، الدار البيضاء ، ط 2 ، 1380هجرية/1960 م .
-الحركة العياشية -حلقة من تاريخ المغرب في القرن 17 – عبداللطيف الشاذلي ، كلية الآداب والعلوم الإنسانية ، الرباط ط 1 عام 1403 هجرية / 1982 م .
ومعه الخبر عن ظهور الفقيه العياشي بهذه البلاد وذكر سبب قيامه بوظيفة الجهاد ) من ص 185 إلى 301 .
*رئيس مركز المخطوطات والتراث والوثائق
ومجلة تراثنا