حتى لا ننسى التاريخ – الحلقتين (5-4)
رضى المواطنون بما قدَّر الله لهم حتى فتح عليهم الخير من أوسع أبوابه
تراثنا – كتب د . محمد بن إبراهيم الشيباني * :
تأسست الشركة الوطنية لتنظيم عملية توزيع المياه في سنة 1939 م ، وحدد المجلس البلدي للشركة سعر البيع بما لا يزيد على بيزتين للتنكة الواحدة ، وقد طلب عبدالله صالح الملا سكرتير الأمير تشكيل لجنة من قبل البلدية ، تشترك معها لجنة من شركة الماء للنظر في أجور نقل الماء بوساطة ” الحمّارة ” و”الكندرية “.
وقد وافق المجلس على تعيين خالد اليوسف المطوع وعبدالوهاب الداود المرزوق من قبل البلدية ، واللجنة كانت مؤلفة من غير الاثنين عبدالله الملا صالح ومدير شركة الماء سليمان الغانم : ” تعين شركة الماء قطع تنكات صغيرة تؤشر فيها على عدد التنكات التي في القرب،وعلى كل حمّار أن يحمل معه قطعة بمقياس القرب التي تحملها دابته ، لتكون مرجعاً عند الاختلاف ،وأن تعلن البلدية التقرير عندما تنتهي الشركة من القطع المذكورة ، وقد أنشئت خزانات خاصة (برك) قرب الساحل، كما نشرت البلدية اعلاناً يتضمن أجور نقل الماء بوساطة الحمّارة والكندرية ” .
-
أنشأت البلدية ثلاث برك قرب الساحل لتجميع المياه ،وبيعها على الحْمّارة والكندرية على مناطق وأحياء شرق والقبلة والمرقاب والوسط .
-
تراوحت اسعار بيع التنكة الواحدة بين بيزة، وبيزة ونصف ، وبيزتان حسب الموقع ، وحذّرت من يمتنع عن بيع المياه للمواطنين بالمساءلة .
برك البلدية ومواقعها
- البركة نمرة 1 : الواقعة في محلة الشملان ، من بيت هلال المطيري شرقاً إلى بيت الشيخ صباح الناصر غرباً ، وجنوباً شارغ الميدان بيزة واحدة للتنكة ، ومن المرقاب بأجمعه إلى بيت صالح بن حمد ، إلى بيت العوضية ، إلى فريج العاقول بأجمعه بيزتان .
- البركة نمرة 2 :الواقعة في محلة الغنيم ، من مسجد الخالد غرباً إلى بيت شاهين الغانم شرقاً ، وجنوباً بيت ابن شلفان ، بيزة واحدة للتنكة ، ومن مكينة الغانم للطحين غرباً إلى دروازة العبد الرزاق شرقاً ، وجنوباً محلة المسيل ، بيزة ونصف البيزة للتنكة ، ومن الصفاة إلى بيت محمد الحمود الشايع ، إلى الناصرية بيزتان .
- البركة نمرة 3 : الواقعة في محلة العبدالجليل من مستشفي الأميركاني غرباً إلى بيت المرزوق شرقاً ، ووجنوبا شارع المخيزيم ، بيزة واحدة للتنكة ، ومن جنوب المستشفى الأميركاني، إلى قهاوي الصفاة شرقاً ، وجنوباً شرق الجهراء ، بيزة ونصف البيزة للتنكة ،والصالحية بأجمعها بيزتان .
عقوبات البلدية
وكان لكل شخص الحق في شراء الماء من أي حمّار او كندري ، عندما يعرض الماء للبيع ، وفي حالة عدم استجابة البائع ، كان على المواطن تسجيل رقمه ، وتقديم شكوى للبلدية ، وقد طلبت البلدية من العموم مراعاة الأمر ، وحذرت من يخالفه بأنه سيعرض نفسه للمسؤولية والعقاب .
طالع الحلقة السابقة (الثالثة) : هؤلاء سقوا الكويت
خير الناس ونفعهم
هكذا كانت طريقة جلب المياه إلى الكويت في الماضي ، وهكذا كان قانون التوزيع الموضوع لكل حي من أحياء الكويت الكبيرة ( الشرق ، القبلة ، المرقاب ،الوسط ) وكيف عاش الناس مع قلته وشحه ، واقتصدوا به ، وكيف كانت القوانين تُحترم ، وليس للعقاب فقط ، وإنما لخير الناس ونفعهم .
المحافظة على النعمة
لم يعرف أحوالنا من جاء إلى الكويت بعد تلك التواريخ إلى يومنا ، وكيف كان صبر المواطنين على ذلك ، ورضوا بما قدر الله لهم ، حتى فتح الله لهم الخير من كل مكان ، فأهل الكويت لم ينعموا بهذه النعمة التي هم فيها منذ الاستقلال إلى اليوم ، إلا بعد شظف من العيش ونصبه ، بل قل أكثر من مائتي عام عاشوا بلا رفاه وبحبوحة من العيش كما اليوم ، إذن فلتحافظ أجيال اليوم على هذه النعمة ، نعمة الماء والمال والرفاء والأمن .
القصد من هذه المقالات ، هو التعريف برجالات الكويت والفرجان والأحياء والطرائق المستخدمة آنذاك ، في حفظ الماء ومعاقبة المخالف ،وربط المواطن بتاريخه .
والله المستعان ..
*رئيس مركز المخطوطات والتراث والوثائق ومجلة تراثنا .
يتبع لاحقا ..
الصور : ( منتدى تاريخ الكويت ) ( ارشيف تراثنا )