منتقى من (في بلاد اللؤلؤ) – الحلقة (16)
سطور من ماضي الكويت بعين شامية
تراثنا – التحرير :
في الحلقة السادسة عشر ، يواصل الكاتب السوري والمحامي فيصل العظمة – يرحمه الله – تدوين انطباعاته وملاحظاته عن كويت عام 1942م ، التي دوَّنها في كتابه (في بلاد اللؤلؤ) في طبعته الأولى عام 1945م .وأعيد طبعتها الثانية في 2020 م بالكويت ، بتحقيق أ .د أحمد بكري عصلة – يرحمه الله .
فيصل العظمة :
-
قصر دسمان مؤثث بالأثاث الشرقي والأوروبي وفيه قاعة “سينمة” خاصة هي الوحيدة في الكويت !
-
صافحني الأمير بشدة وحياني بحرارة وطلب مني الجلوس بجواره طلعته بسيطة ومهيبة غير متكلفة ..
يواصل الكاتب أ . العظمة- يرحمه الله – ذكر حكام الكويت منذ النشأة في مقتطفات ، وفي هذه الحلقة يتناول لقاءه مع الحاكم أحمد الجابر الصباح في قصر دسمان ، فيقول :
تولى الحكم ( الشيخ احمد الجابر آل صباح ) بعد وفاة عمه في 14 رجب 1339 هجري ، وهو شاب في الخامسة والعشرين من عمره أو يزيد قليلاً .
في قصر دسمان : تشرفت بمقابلة سموه عدة مرات بمناسبات شتى ، كان فيها كلها مثال الكياسة واللطف ، وقد وصفت زيارتي الأولي لمسوه والأن أصف زيارتي الثانية له :
كنت طلبت من مرافق سموه الخاص أن يحدد لي موعداً أقل فيه سمو الأمير ، وأقدم له كتاباً خاصاً من وزير خارجية سورية ، فحدد موعداً ذهبت فيه ميمماً شطر قصر دسمان العامر حيث يقيم سمو الأمير .
اندفعت بي السيارة في طرق الكويت ، ثم مرت بي في طريق معبدة مفروشة بالإسفلت ، بين صفين طويلين من الشجر ،وتحت أغصان الأثل ، ثم وقفت بي أمام قصر جميل أزرق ، هو قصر دسمان العامر ، وهو قصر فخم واسع من طابقين ، فيه ساحات وأبهاء ، وتحيط به حدائق بسيطة ، يقع في أقصر المدينة من الشرق ، على بعد بضعة أمتار من البحر ، مؤثث بالأساس الشرقي والأوروبي الفاخر ، وفيه سينمة خاصة ، هي السينمة الوحيدة الموجودة في الكويت .
وقد إلى قربة مسجد لصلاة سمو الأمير وعائلته ، وحرسه الخاص وحاشيته ، وقد بني هذا القصر الشيخ مبارك جد الأمير ، ثم جدده أبو جابر ، ثم جدده سمو الأمير الحالي ( يقصد أحمد الجابر) .
دخلت باب القصر فإذا الجنود والفداوية عند الباب ببنادقهم وسيوفهم وخناجرهم البراقة والعبيد والخدم يحملون الصقور على أيديهم ، مشهد طريف قلما تراه في غير بلاد العرب ،
واستقبلني السيد غزة جعفر مرافق الأمير الخاص ، وقادني إلى الديوانية (المجلس) حيث يقعد سموه ، وهي قاعة فسيحة مربعة الشكل بسيطة الأثاث متواضعة المظهر .
دخلت فإذا الأمير في صدر القاعة ،وسلمت وتقدمت إليه مصافحاً ، فتفضل ونهض وصافحني بشدة وحياني بحرارة ، وتراجعت قليلاً إلى الوراء لآخذ مكاني في المجلس قبالة مرافقه الخاص ، ولكن سموه تفضل ودعاني إلى قربه ، وأشار إلى جبنه بيده ، وقال :”يمي يمي ” أي جبني فامتثلت شاكراً .
وسموه الآن (حينذاك) في العقد الخامس من العمر / ممتلئ الجسم ، أسمر اللون ، جذاب الملامح ، سريع الحركة والإشارة ، دائم البشر ، طلق المحبا ، وسيم الطلعة ، عليه مخايل الإمارة ومظاهر النبل ، وفي منظره جمال وجلال ، وإذا رأيته شعرت نحوه باحترام وحب ، طلعته المهيبة البسيطة الحرة غير المتكلفة ، وحب شخصيته السمحة وبشاشته الدائمة وابتسامته التي لا تفاق شفتيه …ويلبس ثوبا فاخرا فوقه عباءة محلاة بالذهب ويلبس كوفية وعقالاً مربعاً مذهباً .
فماذا دار بين الأمير والكاتب فيصل العظمة …؟
نقلا عن الصفحات من(90-92)..
يتبع لاحقا ..
مقتنيات مكتبة مركز المخطوطات والتراث والوثائق – الكويت
تواصل مع تراثنا