كل ما يتم التوصل إليه من اكتشافات في الحاضر كان للأولون السبق إليها
تراثنا – كتب د . محمد بن إبراهيم الشيباني * : على الدوام نحسب أننا أسبق من الأوائل الذين مضوا من علماء وأدباء ومثقفين وأطباء، وفي كثير من أمور حياتنا اليوم، ولكن فيما أراه على العكس من ذلك، فقد تطرق الأولون إلى أمور حياتية وعلمية وصحية كثيرة، بل إن منهم من له رؤية مستقبلية سبق بها عصره ووقته وأقرانه، صلحت أو طبقت بعد عصره أو جيله.
د. محمد بن إبراهيم الشيباني :
• في أوائل القرن الماضي تحدث عبدالرحيم محمود عن نظامنا الاجتماعي وكأنه بيننا و يتكلم عن واقعنا اليوم .
• تنبأ أحدهم في عام 1925 باختفاء الكتب والصحف وتساءل : «هل تندثر مدونات العصر؟ أو الورق والتاريخ؟
• طُرح تساءل طريف عن سبب قصر اليابانيين في حوار عن تأثير الطعام على الجسم منذ أكثر من مئة عام!
وللتمثيل على ذلك، فقد كتب أحدهم في سنة 1892م، مقالة تحت عنوان «جيراننا في السماء والزهرة والمريخ والمشتري» يتكلم فيها عن حياة وعوالم مما يتحدث به الناس اليوم أو المراكز البحثية وغيرها. وآخر تحدث عن «أماكن مرض السرطان في الجسم» في العام نفسه، وكتب المعلم والمربي عبدالرحيم محمود عن «نظامنا الاجتماعي» وقد ألمّ به إلمامة موفقة شاملة، كأنه بيننا اليوم ويتحدث عن واقعنا والكلام في عام 1924م. وكتب أحدهم قائلاً «هل تندثر مدونات العصر؟ أو الورق والتاريخ؟ (اقتراح على أصحاب الصحف العربية) وذلك في عام 1925م.
صحة البدن
وكتب آخر في الصحة «أجسامنا: مقتنيات نورنا.. أمواج أم ذوات؟ (البرتون ـ الإلكترون ـ الفوتون) وذلك في السنة نفسها ،وفي الموضوع نفسه أي الصحة وفي العام نفسه (الطعام والسن) أي إن للسن أحكاماً ليست مثل الشباب أو أيام الرجولة، فالإنسان كلما زاد عمره ضعفت آلاته، ولم تعد تعمل كما هي في المراحل الماضية، فالتقليل من كل شيء كان يستخدمه أصبح ضرورة ليست لطول العمر، ولكن لاستمرارها من دون أوجاع أو أمراض تقعده وتؤذي من حوله من زوجة وأولاد وقرابة، فالأولون كانوا يقولون «ربي من حيلي إلى قبيري» أي من دون إتعاب الآخرين وأذيتهم.
الفحص قبل الزواج
وقد جرت مناقشات علمية خطيرة في عام 1929م بين يوز، العالم الهندي وبرسن، العالم الأميركي في مسألة «هل للنبات إحساس نابض» وقد تطرق أحدهم إلى مبحث طبي مهم لم يطبق عندنا إلا قبل سنوات معدودة لا تعدو الخمس، وهو «الكشف الطبي قبل الزواج أو الزواج والفحص الطبي»، وهو بحث في الصحة والزواج، أي ربط الزوجية وأسباب الهناء والشقاء، وذلك في عام 1929م.
• منذ اكثر من قرن كتب أحدهم عن “جيراننا في السماء والزهرة والمريخ والمشتري ” !
وفي العام نفسه نوقش موضوع طريف يتعلق باليابانيين هو «هل طعام اليابانيين سبب قصرهم؟» وكان البحث من إعداد د. عبدالرحمن شهبندر، وكتب أحدهم عن صحة الطفل والعناية به وربطه بالمدنية (العناية بالأطفال ـ صحة الطفل أساس المدنية) بقلم د. شخاشيري.
وكتبوا عن الطفل الناقه والعناية به. ومن المسائل التربوية المهمة مسألة التهذيب في التعليم وهو موضوع حيوي وهو «نظرية التحويل العام في التهذيب.. هل تنقلب برامج التعليم؟» كتبه أديب عباس عام 1930م.
إثبات البنوة
أما المسألة قبل الأخيرة في مقالنا فموضوعها «هل هذا ولدي؟ العلم يستنبط طريقة لإثبات صلة البنوة بين الولد وأبيه ونفيها» كتبه د. نجيب الأرمنازي عام 1930.
واليوم ينكب كثير من البشر على معرفة أنسابهم عن طريق البصمة الوراثية (DNA) وأصبح للجواب عن هذا التساؤل مراكز ومختبرات عالمية في أميركا وغيرها تقوم بذلك، وقد كتب إليوت سميث في المجلة العلمية بحثا عن «أين مهد الإنسان: أفريقيا أو آسيا؟” ..
أردت من كتابة هذه السطور بيان أننا نتمم أو نكمل على ما أصَّله الأولون وقعَّدوه في المجالات الإنسانية المتنوعة، والبحث في هذا كبير ومتشعب.
والله المستعان…
* رئيس التحرير رئيس مركز المخطوطات
والتراث والوثائق
زيارة الصفحة الرئيسية تراثنا
الإشتراك في ايميل خدمة تلقي الاخبار
التعقيبات والمساهمات ضمن بريد القراء ادناه