الحلقة 13
سويلفات من الشرق والغرب
تراثنا – التحرير :
قال الكاتب سمير الشيخاني * : ” في يقيني أن لا شيء يحل محل النادرة اللطيفة ، فهي تقرب منا أولئك الذين يجعل البعد منهم أناساً عظاماً ، أو أناساً مشوهين ، انها في الواقع ، الرسوم التي تزين مجلداً ضخما .” التاريخ الصغير ” .
-
أقام ملوك أوروبا ومنهم ” اليزابيث ” نوافير ملفتة للأنظار في قصورهم تستخدم للعبث والمزاح الملكي واطلاق رشاش المياه على وجهه من يقترب منها وينظر إليها !
-
كاد الملك شارل الرابع الفرنسي أن يذهب ضحية مزاحه الثقيل بتنكره وأصحابه النبلاء بشخصيات متوحشة في حفل فرح فتعرضوا للحرق وأُنقذ الملك ومات البقية !
-
امضى الملك جان الثاني الفرنسي 20 ساعة متواصلة على صهوة مطارداً الملك شارل الثاني دون استراحة أو توقف ..
المزاح الرطب
المسدس المائي اليوم سلاح صبياني ،ولكنه كان في يوم من الأيام يُستخدم على نطاق واسع جداً عندما كان الملوك الانكليز المحبون للمزاح بمارسون لعبة تشبه نوعاً من اطلاق رشاش الماء من فوهة مسدس .
ففي ثلاثة من قصور أسرة تيودور الملكية أقيمت في الحدائق أشكال هندسية جميلة خادعة ، ففي احداها يلفت نظر الزائر اهرام رخامي يثير الفضول ، لا يتنبه إلى خطره إلا بعد فوات الأوان ، فإن أنابيبه المخفية ترش بالماء عندما تطأ قدما الحجر اللوحي السائب ، وهو الحجر ذو الصفائح المستعمل لرصف الشوارع – الأمر الذي يثير فرح المشاهدين .
وفي قصر هامبتون ، أقامت الملكة اليزابيث ينبوعاً كثيراً ما يثير المرح الصاخب والتسلية عند إمالة نافورته بغتة ، بضغط زر معين ، فينهمر شلال ماء على الواقف أمامه يتأمله .
غير ان ” القاتل الحقيقي ” هو المزولة ، أو الساعة الشمسية ، القائمة في حديقة قصر هوايتهول ، فالزائر الضحية الذي يتوقف لمعرفة الوقت ينضخه رشاش الماء بوجهه ، بعد أن يقوم أحد البستانيين المنتظرين من بعيد ليفتح صمام معين .
والمزاح الحار
الملوك يمكن أن يكونوا طائشين ومستهترين كبقية الناس ، وفي أحيان كثيرة أكثر منهم ، غير أن الملك شارل الرابع الفرنسي ، في القرون الوسطى ، انتهت به مزحته الملكية إلى أسوأ مصير ، فقد خرج متنكراً مع جماعة من الصبيان ذات ليلة ، لعزف سيريناد زائفة لعروسين من حاشيته الملكية ، فإذا به يُضرب ضرباً مبرحاً على أيد ضباط الحرس ، قبل أن يتمكن من إظهار شخصيته الملكية .
وكان يمكن أن يكون ذلك كافياً لإعطاء الملك شارل درساً وعبرة ، ولكن لا ، فلما تم زفاف آخر في البلاد ، انضم إلى خمسة من النبلاء المتنكرن بزي المتوحشين ، لتقديم رقصة شاذة في الحفلة الرسمية .
والمتوحشون حسب الأسطورة التي كانت سائدة في القرون الوسطى ، هم أناس يعيشون في الغابات ، يغطون أنفسهم بالفراء ، ويقيدون أنفسهم بالاغلال والقيود ليبقوا هكذا في الأسر .
وقد تنكرت الفرصة الراقصة بأردية محيكة ضيقة مُسحت بالقار والقطران ، وألصقت عليهاحزماً من خيوط أرديتهم الكتان ، فقرّب أحد المشاهدين شعلة من هؤلاء الراقصين ، فاشتعلت أرديتهم وانتشرت النار بسرعة هائلة .
ولما كانوا مشدودين بالقيود فقد تعذّرعليهم تحرير أنفسهم ، فمات أربعة منهم أشنع ميتة ، ولكن الملك شارل الرابع أُنقذ لأن عمته ألقت عليه بطرف ردائها الطويل فوقه ، فاطفأت بذلك اللهب ، غير أن الصدمة أثرت فيه تأثيراً مستديماً ، وأصيب بمس !
20 ساعة على صهوة الحصان
امتظي الملك جان الثاني الفرنسي (1319 -1364 م ) لكي يلقي القبض على الملك شارل الثاني ، ملك نافار ، صهوة جواده ، واندفع من أورليان إلى روان – وبينهما مسافة 25 كليومترا دون أن يبدل حصانه ، او يتوقف مرة واحدة لياخذ قسطاً م الراحة ، وقد استغرقت رحلته هذه عشرين ساعة .
هذ1 الكتاب
كتاب (التاريخ الصغير ) من مقتنيات مركز المخطوطات والتراث والوثائق ( قسم المكتبات الأهلية ) مكتبة الوقف المهداة من ورثة ( الشيخ عبدالله الخضري -يرحمه الله ) .
* المؤلف : سمير شيخاني ” يرحمه الله ” : مؤرخ وأديب لبناني (1923 -1996 م) رئيس الدائرة الثقافية في لبنان “إذاعة لبنان” له مئات الأبحاث والمقالات والتحقيقات المنشورة في كبريات الصحف اللبنانية مثل النهار والبيرق وغيرها ، وله 47 كتابا، ،